أنا قذفته في رحم أمه سمية. قال: فما يمنعك أن تدعيه؟ قال: أخشى هذا القاعد على المنبر - يعني عمر - أن يفسد علي أهابي. فبهذا الخبر استلحق معاوية زيادا وشهد له الشهود بذلك. وهذا خلاف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
قال الأميني: لو كان معاوية استلحق زيادا بهذا الخبر لكان استلحاقه عمرو بن العاص أولى. إذ ادعاه أبو سفيان يوم ولادته قائلا: أما إني لا أشك أني وضعته في رحم أمه.
واختصم معه العاص، غير أن النابغة أبت إلا العاص لما زعمت من الشح في أبي سفيان وفي ذلك قال حسان بن ثابت:
أبوك أبو سفيان لا شك قد بدت * لنا فيك منه بينات الدلايل ففاخر به إما فخرت ولا تكن * تفاخر بالعاص الهجين بن وائل إلى آخر ما مر في الجزء الثاني ص 123 ط 2.
نعم: لكل بغي كان يتصل بسمية أم زياد، والنابغة أم عمرو، وهند أم معاوية، وحمامة أم أبي سفيان، والزرقاء أم مروان، وأضرابهن من مشهورات البغاء ويأتيهن أن يختصم في ولايدهن.
كتب معاوية إلى زياد يوم كان عامل علي أمير المؤمنين عليه السلام: أما بعد فإن العش الذي ربيت به معلوم عندنا فلا تدع أن تأوي إليه كما تأوي الطيور إلى أوكارها، ولولا شئ والله أعلم به لقلت كما قال العبد الصالح: فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها، ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون. وكتب في آخر كتابه:
لله در زياد أيما رجل * لو كان يعلم ما يأتي وما يذر تنسى أباك وقد حقت مقالته * إذ تخطب الناس والوالي لنا عمر فافخر بوالدك الأدنى ووالدنا * إن ابن حرب له في قومه خطر إن انتهازك قوما لا تناسبهم * عد الأنامل عار ليس يغتفر فانزل بعيدا فإن الله باعدهم * عن كل فضل به يعلو الورى مضر فالرأي مطرف والعقل تجربة * فيها لصاحبها الايراد والصدر فلما ورد الكتاب على زياد قام في الناس فقال: العجب كل العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يخوفني بقصده إياي وبيني وبينه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم في