* (الجواب) *: إن قياس هذه التي هي حادثة فردية لا تحدث في المجتمع فراغا كبيرا يأبه له، وورائها أغراض مستهدفة تحاول إسدال ستور الإنساء عليها كما أسدلوها على نص الغدير نفسه، وهملجوا وراء إبطاله حتى كادوا أن يبلغوا الأمل بصور خلابة، و تلفيقات مموهة، وأحاديث مائنة، بيد أن الله أبى إلا أن يتم نوره.
إن قياسها بواقعة أصحاب الفيل تلك الحادثة العظيمة التي عدادها في الإرهاسات النبوية وفيها تدمير أمة كبير يشاهد العالم كله فراغها الحادث، وإنفاذ أمة هي من أرقي الأمم، والابقاء عليها وعلى مقدساتها، وبيتها الذي هو مطاف الأمم، ومقصد الحجيج، وتعتقد الناس فيه الخير كله والبركات بأسرها، وهو يومئذ أكبر مظهر من مظاهر الصقع الربوبي.
إن قياس تلك بهذه في توفر الدواعي لنقلها مجازفة ظاهرة، فإن من حكم الضرورة أن الدواعي في الأولى دونها في الثانية، كما تجد هذ الفرق لائحا بين معاجز النبي صلى الله عليه وآله فمنها: ما لم ينقل إلا بأخبار آحاد. ومنها: ما تجاوز حد التواتر. ومنها: ما هو المتسالم عليه بين المسلمين بلا اعتناء بسنده. وما ذلك إلا لاختلاف موارد العظمة فيها أو المقارنات المحتفة بها.
وأما ما ادعاه ابن تيمية من إهمال طبقات المصنفين لها فهو مجازفة أخرى لما أسلفناه من رواية المصنفين لها من أئمة العلم، وحملة التفسير، وحفاظ الحديث، ونقلة التاريخ الذين تضمنت المعاجم فضائلهم الجمة، وتعاقب من العلماء إطراءهم. وإلى الغاية لم نعرف المشار إليه في قوله: بهذا الاسناد المنكر. فإنه لا ينتهي إلا إلى حذيفة بن اليمان (المترجم ص 25) الصحابي العظيم، وسفيان بن عيينة المعروف إمامته في العلم والحديث والتفسير وثقته في الرواية (المترجم ص 80) وأما الاسناد إليهما فقد عرفه الحفاظ و المحدثون والمفسرون المنقبون في هذا الشأن فوجدوه حريا بالذكر والاعتماد، و فسروا به آية من الذكر الحكيم من دون أي نكير، ولم يكونوا بالذين يفسرون الكتاب بالتافهات. نعم: هكذا سبق العلماء وفعلوا لكن ابن تيمية استنكر السند وناقش في المتن لأن شيئا من ذلك لا يلائم دعارة خطته.
* (الوجه السادس) *: أن المعلوم من هذا الحديث أن حارثا المذكور كان