إلى تسعة أوجه وعاشرها ما ذكرناه في هذا الكتاب.
أما ما ذكره الطبري فعن ابن عباس: يعني إن كتمت آية مما أنزل عليك من ربك لم تبلغ رسالتي. وهو غير مناف لنزولها في قصة الغدير، سواء أخذنا لفظة آية في قوله نكرة محضة، أو نكرة مخصصة، فعلى الثاني يراد بها ما نحاول إثباته بمعونة ما ذكرناه من الأحاديث والنقول. وعلى الأول فهو تأكيد لإنجاز ما أمر بتبليغه بلفظ مطلق ويكون حديث الغدير أحد المصاديق المؤكدة.
وعن قتادة: أنه سيكفيه الناس ويعصمه منهم وأمره بالبلاغ. وهو أيضا غير مضاد لما نقوله إذ ليس فيه غير أن الله سبحانه ضمن له العصمة والكفاية في تبليغ أمر كان يحاذر فيه اختلاف أمته ومناكرتهم له، ولا يمتنع أن يكون ذلك الأمر هو نص الغدير، ويتعين ذلك بنص هذه الأحاديث.
وعن سعيد بن جبير، وعبد الله بن شقيق، ومحمد بن كعب القرظي، وعايشة و اللفظ لها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية: والله يعصمك من الناس.
قالت: فأخرج النبي رأسه من القبة فقال: أيها الناس؟ انصرفوا فإن الله قد عصمني.
وليس فيه إلا أنه صلى الله عليه وآله فرق الحرس عنه بعد نزول الوعد بالعصمة من غير أي تعرض للأمر الذي كان يخشى لأجله بادرة الناس في هذه القصة أو مطلقا، و ليس من الممتنع أن يكون ذلك مسألة يوم الغدير، ويعينه الروايات المذكورة في هذا الكتاب وغيره.
وذكر الطبري أيضا في سبب نزول الآية عن القرظي: إنه كان النبي إذا نزل منزلا اختار له أصحابه شجرة ظليلة يقيل تحتها فأتاه أعرابي فاخترط بسيفه ثم قال:
من يمنعك مني؟ قال: الله. فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف منها. قال: وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه فأنزل الله: والله يعصمك من الناس. ا ه. وهو يناقض لما تقدم من أنه صلى الله عليه وآله كان يحتف به الحرس إلى نزول الآية فمن المستبعد جدا وصول الأعرابي إليه وهو نائم، والسيف معلق عنده، والحرس حول قبة النبي.
على أن لازم هذا: التفريق في نزول الآية فإنه ينص على أن النازل بعد قصة الأعرابي هو قوله تعالى: والله يعصمك من الناس. ولا مسانخة بين هذه القصة وصدر الآية، ومن