اللهم إني ابتدأت له الشهادة، ثم الصلاة عليه، وإن كنت لا أبلغ من ذلك رضى نفسي ولا يعبره لساني عن ضميري، ولا أبن إلا على التقصير مني فأشهد له والشهادة مني دعائي، وحق علي وأداء لما افترضت لي أن قد بلغ رسالتك غير مفرط فيما أمرت، ولا مقصر عما أردت، ولا متجاوز لما نهيت عنه، ولا معتد لما رضيت له.
فتلا آياتك على ما نزل به إليه وحيك، وجاهد في سبيلك مقبلا على عدوك غير مدبر ووفى بعهدك، وصدع بأمرك لا تأخذه فيك لومة لائم، وباعد فيك الأقربين وقرب فيك الأبعدين وأمر بطاعتك وائتمر بها، ونهى عن معصيتك وانتهى عنها سرا وعلانية، ودل على محاسن الأخلاق، وأخذ بها، ونهى عن مساوي الأخلاق ورغب عنها، ووالى أولياءك بالذي تحب أن توالوا به قولا وعملا.
ودعا إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدك مخلصا حتى أتاه اليقين فقبضته إليك نقيا تقيا زكيا قد أكملت به الدين، وأتممت به النعيم، وظاهرت به الحجج، وشرعت به شرايع الاسلام، وفصلت به الحلال من الحرام، ونهجت به لخلقك صراطك المستقيم وبينت به العلامات والنجوم الذي به يهتدون، ولم تدعهم بعده في عمياء يهيمون، ولا في شبهة يتيهون، ولم تكلهم إلى النظر لأنفسهم في دينهم بآرائهم ولا التخير منهم بأهوائهم فيتشعبون في مدلهمات البدع، ويتحيرون في مطبقات الظلم، وتتفرق بهم السبل فيما يعلمون وفيما لا يعلمون.
وأشهد أنه تولى من الدنيا راضيا عنك، مرضيا عندك، محمودا عند ملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، وعبادك الصالحين. وأنه كان غير لئيم ولا ذميم وأنه لم يكن ساحرا ولا سحر له، ولا شاعر ولا ينبغي له، ولا كاهن ولا تكهن له، ولا مجنون ولا كذاب، وأنه كان رسول الله خاتم النبيين، وأنه جاء بالحق من عند الحق، وصدق المرسلين.
وأشهد أن الذين كذبوه ذائقوا العذاب الأليم، وأشهد أنك به تعاقب وبه تثيب، وأن ما أتانا به من عندك فإنه هو الحق المبين، لا ريب فيه من