أخفض جناح وألين مسير، فان استطعت أن تكون وحدك فافعل حتى تأتي أبا عبد الله جعفر بن محمد فقل له: هذا ابن عمك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الدار وإن نأت، والحال وإن اختلفت فانا نرجع إلى رحم أمس من يمين بشمال، ونعل بقبال (1) وهو يسئلك المصير إليه في وقتك هذا فان سمح بالمسير معك فأوطه خدك وإن امتنع بعذر أو غيره فاردد الامر إليه في ذلك، فان أمرك بالمصير إليه في تأن فيسر ولا تعسر، واقبل العفو ولا تعنف في قول ولا فعل.
قال الربيع: فصرت إلى بابه، فوجدته في دار خلوته، فدخلت عليه من غير استيذان، فوجدته معفرا خديه مبتهلا بظهر يديه، قد أثر التراب في وجهه وخديه، فأكبرت أن أقول شيئا حتى فرغ من صلاته ودعائه، ثم انصرف بوجهه فقلت: السلام عليك يا أبا عبد الله، فقال: وعليك السلام يا أخي ما جاء بك؟ فقلت:
ابن عمك يقرأ عليك السلام، ويقول حتى بلغت آخر الكلام.
فقال: ويحك يا ربيع ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم؟ ويحك يا ربيع أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، قرأت على أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته ثم أقبل على صلاته وانصرف إلي بوجهه.
فقلت: هل بعد السلام من مستعتب عليه أو إجابة، فقال نعم قل له: أرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى إنا والله يا أمير المؤمنين قد خفناك، وخافت لخوفنا النسوة اللاتي أنت أعلم بهن، ولا بد لنا من الايضاح به، فان كففت وإلا أجرينا اسمك على الله عز وجل في كل يوم خمس مرات، وأنت حدثتنا عن أبيك، عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أربع دعوات لا يحجبن عن الله تعالى: دعاء الوالد لولده: والأخ