فمرة يخبر أنه ينسى، ومرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال: هات ما شككت فيه أيضا؟ قال: وأجد الله يقول: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " (1) وقال: وقد استنطقوا فقالوا: " والله ربنا ما كنا مشركين " (2) وقال: " ويوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " (3) وقال: إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " (4) وقال: " لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد " (5) وقال: " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " (6) فمرة يخبر [أنهم يتكلمون، ومرة] أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، ومرة يخبر أن الخلق لا ينطقون، ويقول عن مقالتهم: " والله ربنا ما كنا مشركين " ومرة يخبر أنهم يختصمون، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع؟ قال: هات ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله عز وجل يقول: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " (7) ويقول: " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير " (8) ويقول: " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " (9) ويقول: " يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون، به علما " (10) ومن أدركته الابصار فقد أحاط به العلم، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع، قال: هات أيضا ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله تبارك وتعالى يقول: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا