أخرى، وقوله: " إلا إذا انقضت السورة " يدل على أن انقضاء السورة علة لقراءتها فيحتمل أن يكون كلاهما على الاجتماع علة، وأن يكون كل منهما علة كما ذهب إليه جماعة " بين كل ركعتين " أي ركوعين " إن الله " بكسرة همزة إن، وفي الآية بالفتح، لكونه فيها مفعول الرؤية " ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض " (1) قيل أي يتسخر لقدرته ولا يتأبى عن تدبيره، أو يذل بذله على عظمة مدبره، و " من " يجوز أن يعم أولى العقل وغيرهم على التغليب، فيكون قوله والشمس والقمر الخ إفرادا لها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها.
" وكثر من الناس " عطف عليها إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد من مفهومية باعتبار أحدهما إلى أمر، وباعتبار الاخر إلى آخر، فان تخصيص الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم، أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه خبر قسيمه. نحو حق له الثواب، أو فاعل فعل مضمر أي يسجد له كثير من الناس وكثير حق عليه العذاب بكفره وإبائه عن الطاعة، ويجوز أن يجعل " وكثير " تكريرا للأول مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب، وأن يعطف على الساجدين بالمعنى العام موصوفا بما بعده.
أقول: هذا ما ذكره البيضاوي وغيره من المفسرين ويخطر بالبال معنى آخر وهو أن السجود لما كان عبارة عن غاية الخضوع والتذلل، فغير ذوي القول سجودهم ليس (بتام) ظ إلا أن ما يريد منهم اضطرارا وتكوينا لا يتأبون منه، وأما ذووا العقول فهم ذووا جهتين، لان لهم إرادة واختيارا، فالمعصومون منهم سجودهم وخضوعهم تام لأنهم لا يأبون عما يريد منهم اختيارا ولا اضطرار، وغير المعصومين من جهة الاضطرار ساجدون، ومن جهة الاختيار عاصون، فلا يكمل سجودهم وخضوعهم فلذا أخرجهم.
وقال: " وكثير من الناس " وبين المخرجين بقوله سبحانه: " وكثير حق عليه العذاب " فلا يلزم في هذا الوجه تكلف، ولا استعمال المشترك في معنييه، فخذ