الفعل في الأولين بحرف الابتداء لأنه منهما متوجه إليه، وإلى الآخرين بحرف المجاوزة لان الآتي منهما كالمنحرف عنه المار على عرضه، ونظيره قوله جلست عن يمينه.
والغرض الهدف الذي يرمى إليه أي لا تجعلني هدف بلاء، والنصب بالتحريك وسكون الوسط العلم المنصوب وهو قريب من الأول.
" قيما " (1) بفتح القاف وكسر الياء المشددة أي مستقيما وفي بعض النسخ بكسر القاف وفتح الياء المخففة على أنه مصدر نعت به، وقرئ في الآية بهما، و المعنى واحد وفي الصحاح الجهد المشقة يقال: جهد دابته وأجهدها إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها، وجهد الرجل فهو مجهود من المشقة.
" ولا ينفع ذا الجد " قال الكفعمي الجد الحظ والاقبال في الدنيا، والجد والحظ والبخت بمعنى، ومنه قوله عليه السلام في الدعاء ولا ينفع ذا الجد منك الجد أي من كان ذا حظ وبخت في الدنيا لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة لقوله تعالى " يوم لا ينفع مال ولا بنون " (2) انتهى.
وقال في النهاية أي لا ينفع ذا الغناء منك غناؤه، وإنما ينفعه الايمان و الطاعة انتهى وبعضهم حمل الجد على أب الأب والام أي لا ينفعه النسب في الآخرة وربما يقرءان بالكسر أي لا ينفعه الجد في الطاعة عندك، وهما بعيدان.
وقال ابن هشام في المغني في بيان معاني كلمة " من " الخامس البلد نحو " أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة " (3) ولا ينفع ذا الجد منك الجد أي ذا الحظ حظه من الدنيا بذلك أي بدل طاعتك أو بدل حظك أي بدل حظه منك، وقيل ضمن ينفع معنى يمنع، ومتى علقت من بالجد انعكس المعنى (4).