وأما الدعاء لأربعين من المؤمنين في خصوص قنوت الوتر، فلم أره في رواية ولعلهم أخذوا من العمومات الواردة في ذلك كما يومي إليه كلامهم، نعم ورد في بعض الروايات في السجود بعد صلاة الليل كما مر.
وروي في الفقيه (1) بسند قريب من الصحيح إلى أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول في آخر وتره وهو قائم " رب أسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت، وهذه يداي جزاء بما صنعتا " قال: ثم يبسط يديه جميعا " قدام وجهه ويقول " وهذه رقبتي خاضعة لك لما أتت " قال: ثم يطأطي رأسه ويخضع برقبته ثم يقول:
" وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى، لك العتبى لا أعود لا أعود لا أعود ".
أقول: لعل البسط قبل الدعاء الأول أو عنده، وكذا الخضوع قبل الدعاء الثاني أو عنده أنسب بلفظ الدعاء من إيقاعهما بعدهما، كما هو ظاهر لفظ الخبر، وقوله: " جزاء " مفعول له لمحذوف أي رفعتهما أو بسطتهما أو عاقبتهما جزاء " فخذ لنفسك " أي استعملني ووفقني لعمل يوجب رضاك عني أو وقفت بين يديك وسلمت نفسي إليك لتعاقبني بما يوجب رضاك عني وهو أظهر.
" لك العتبى " قال الشيخ البهائي قدس سره: العتبى بمعنى المؤاخذة، والمعنى أنت حقيق، بأن تؤاخذني بسوء أعمالي.
أقول: هذا المعنى للعتبى غير معهود، بل الظاهر أن المعنى أرجع عن ذنبي وأطلب رضاك عني، قال في النهاية: أعتبني فلان عاد إلى مسرتي، واستعتب طلب أن يرضى عنه، وفي الحديث " وإما مسيئا " فلعله يستعتب " أي يرجع عن الإساءة و يطلب الرضا، ومنه الحديث " ولا بعد الموت من مستعتب " أي ليس بعد الموت من استرضاء، والعتبى الرجوع عن الذنب والإساءة انتهى.
وقال الجوهري: أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا " عن الإساءة والاسم منه