وقال الكفعمي - رحمة الله عليه - (1) أي جعل شكر ما امتن به على عباده مكافئا " لأداء حقه، والمعنى أنه تعالى كلف يسيرا " فلم يجعل ما يكافي نعمه ومننه إلا شكرها لأنه في الحقيقة لا كفو لمننه، والمكافأة المماثلة والمساواة، ومنه قوله:
" لم يكن له كفوا " أحد " أي نظيرا " ومساويا "، وهو كفوك وكفيك وكفاؤك أي مساويك.
ثم قال: قال ابن طاوس - ره -: معناه أنه تعالى جعل الذي من به على عباده من الهداية إلى العبادة وإلى حمده وشكره طريقا " وسببا " وكفاء لتأدية حقه، فكان له الحق أولا " علينا وقضاؤنا لحقه مما أحسن إلينا انتهى.
وأقول: يحتمل وجها آخر وهو أن يكون المعنى: وهب عباده ومنحهم من الأعضاء والجوارح والقوى والآلات والأدوات ما يكون كافيا " لأداء ما أوجب عليهم من الطاعات، ولا يكلفهم ما لم يمكنهم القيام به، ولا يبعد كونه أظهر وأنسب بما تقدم.
" ولا للباطل " أي لا يتطرق الباطل إلى عملي، ولا يكون مخلوطا " ببدعة أو رياء أو سمعة وغيرها مما لا يوافق رضاك، وحمل الباطل على البطلان أو المبطل بعيد.
71 - ثم اعلم أنه زاد الكفعمي بعد ذلك " وافتح لي خير الدنيا والآخرة يا ولي الخير، ولم يذكر ما بعده.
وقال: رأيت في بعض كتب أصحابنا ما ملخصه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني كنت غنيا " فافتقرت، وصحيحا " فمرضت، وكنت مقبولا " عند الناس فصرت مبغوضا "، وخفيفا " على قلوبهم فصرت ثقيلا وكنت فرحانا فاجتمعت على الهموم، وقد ضاقت على الأرض بما رحبت، وأجول طول نهاري في طلب الرزق فلا أجد ما أتقوت به، كأن اسمى قد محي من ديوان الأرزاق.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا هذا لعلك تستعمل مثيرات (2) الهموم؟ فقال: وما مثيرات