بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٤ - الصفحة ١١٦
6 - (باب) * * " (فضل صلاة الليل وعبادته) " * الآيات: آل عمران: والمستغفرين بالأسحار (1).
وقال تعالى: ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون (2).
اسرى: ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما " محمودا " (3).

(١) آل عمران: ١٧.
(٢) آل عمران: ١١٣.
(٣) أسرى: ٧٩، ومعنى التهجد هو النوم واليقظة يقال له بالفارسية (بيدار خوابى) قال الجوهري هجد وتهجد، أي نام ليلا، وهجد وتهجد: أي سهر، وهو من الأضداد، ومنه قيل لصلاة الليل التهجد. وعندي أن لغات الأضداد سواء كان في المصادر أو الأسماء هو اجتماع الضدين على الترتيب، لا أنه يستعمل تارة في هذا وتارة في ضده، من دون قرينة، فالجون في الأسماء هو الأبيض والأسود كالذي فيه بياض وبجنبه سواد وهكذا، و في المصادر ومنه التهجد أن ينام الرجل نومة ويستيقظ فيسهر أخرى وهكذا، وقد كان يفعل النبي صلى الله عليه وآله كذلك في تهجده بعد نزول الآية الكريمة:
روى الشيخ في التهذيب (ج ١ ص ٢٣١) عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول - وذكر صلاة النبي صلى الله عليه وآله - قال: كان يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه ويوضع سواكه تحت فراشه، ثم ينام ما شاء الله، فإذا استيقظ جلس ثم قلب بصره في السماء ثم تلا الآيات من آل عمران " ان في خلق السماوات والأرض " الآيات ثم يستن ويتطهر ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءة ركوعه، وسجوده على قدر ركوعه يركع حتى يقال: متى يرفع رأسه ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران، ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد ويصلى الأربع ركعات كما ركع قبل ذلك، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ ويجلس ويتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلى الركعتين ثم يخرج إلى الصلاة.
وروى الكليني (الكافي ج ٣ ص ٤٤٥) باسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله مثله، وقال عليه السلام بعد ذلك: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، قلت: متى كان يقوم؟
قال: بعد ثلث الليل، وفي حديث آخر بعد نصف الليل.
وروى في مشكاة المصابيح (ص ١٠٧) عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال:
ان رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قال: قلت وأنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وآله: والله لأرمقن رسول الله صلى الله عليه وآله للصلاة حتى أرى فعله، فلما صلى صلاة العشاء وهي العتمة اضطجع هويا " من الليل ثم استيقظ فنظر في الأفق فقال: ربنا ما خلقت هذا باطلا - حتى بلغ إلى - انك لا تخلف الميعاد، ثم اهوى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فراشه فاستل منه سواكا " ثم أفرغ في قدح من أداوة عنده ماء فاستن ثم قام فصلى حتى قلت قد صلى قدر ما نام ثم اضطجع حتى قلت قد نام قدر ما صلى ثم استيقظ ففعل كما فعل أول مرة وقال مثل ما قال، ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات قبل الفجر. رواه النسائي.
وروى عن يعلى بن مملك أنه سال أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله عن قراءة النبي صلى الله عليه وآله وصلاته، فقالت: وما لكم وصلاته؟ كان يصلى ثم ينام قدر ما صلى ثم يصلى قدر ما نام ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح ثم نعتت قراءته صلى الله عليه وآله فإذا هي قراءة مفسرة حرفا " حرفا "، رواه أبو داود والنسائي.
أقول: لا يذهب عليك أن صلاة الليل قد كانت فريضة عليه صلى الله عليه وآله قبل ذلك بآية المزمل: " قم الليل الا قليلا.. ورتل القرآن ترتيلا * ان ناشئة الليل هي أشد وطا " وأقوم قيلا ". وفي هذه الآية فرض عليه صلى الله عليه وآله التهجد بالليل ولذلك فرق النبي صلى الله عليه وآله صلاة ليله بين نومة ونومة ونومة على ما عرفت من معنى التهجد وشهدت به روايات الفريقين.
وقوله عز وجل: " نافلة لك " ينظر إلى ما في قوله عز وجل قبل هذه الآية: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا " والمراد بما افترض فيها عليه صلى الله عليه وآله إقامة صلاة المغرب وصلاة الفجر على ما عرفت في ج 82 ص 317، والمعنى أن هاتين الصلاتين اللتين فرض عليك إقامتهما في هاتين الوقتين كرامة مسبوقة وقد فرض على الأنبياء قبلك، وسيفترضان على أمتك بالمدينة، واما التهجد بالليل والصلاة خلال التهجد فهو زيادة على ذلك، جعلناه عطية لك خاصة وكرامة خصصتك بها، وعسى الله - عز وجل - أن يبعثك بهذه العطية والكرامة مقاما " محمودا " يغبطك به الأولون والآخرون.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * الباب السابع والأربعون * ما ينبغي أن يقرء كل يوم وليلة 1
3 فيما كان في كتاب يوشع بن نون عليه السلام 4
4 قصة عابد من بني إسرائيل 10
5 * أبواب * * النوافل اليومية وفضلها واحكامها وتعقيباتها * * الباب الأول * جوامع أحكامها واعدادها وفضائلها... 21
6 بحث حول إيقاع النافلة في وقت الفريضة، والأقوال فيها 23
7 فيما روى الشهيد في الذكرى في أن رسول الله (ص) فات عنه صلاة الفجر وقضاها 24
8 في قول الله تعالى: ما تحبب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته... 31
9 فيمن صلى نافلة وهو جالس 35
10 في الفرق بين الفريضة والنافلة 49
11 * الباب الثاني * نوافل الزوال وتعقيبها وأدعية الزوال 52
12 في صلوات صلاها مولانا الرضا عليه السلام 52
13 مما يقال قبل الشروع في نوافل الزوال 59
14 الدعاء بين كل ركعتين من صلاة الزوال 64
15 عدد النوافل والبحث والتوضيح فيها 72(ه‍)
16 * الباب الثالث * نوافل العصر وكيفيتها وتعقيباتها 78
17 الدعاء بين كل ركعتين من صلاة نوافل العصر 78
18 في وقت نافلة العصر، والبحث في جواز تقديم نافلتي الظهر والعصر 86
19 * الباب الرابع * نوافل المغرب وفضلها وآدابها وتعقيباتها وسائر الصلوات المندوبة... 87
20 فيما يقرء في نافلة المغرب من السور 87
21 وقت نافلة المغرب والأقوال فيها 89
22 في صلاة الغفيلة 96
23 من الصلوات بين المغرب والعشاء، وفيه بحث وتحقيق وبيان 100
24 بحث في ذيل الصفحة في الاخبار الضعيفة السند 101(ه‍)
25 * الباب الخامس * فضل الوتيرة وآدابها وعللها وتعقيبها وسائر الصلوات بعد العشاء الآخرة 105
26 فيما يقرء في الوتيرة والدعاء بعدها 108
27 * الباب السادس * فضل صلاة الليل وعبادته، وفيه: آيات، و: أحاديث 116
28 في ذيل الصفحة بيان في التهجد 116(ه‍)
29 تفسير الآيات، ومعنى قوله تعالى: " والمستغفرين بالأسحار " 120
30 معنى قوله تعالى: " قم الليل إلا قليلا " وفيه بيان 126
31 في قول رسول الله (ص): أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل 138
32 معنى قوله عز اسمه: " ورهبانية ابتدعوها " وفيه توضيح 146
33 في أهل قرية أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين 150
34 في قول الصادق عليه السلام: كذب من زعم أنه يصلي بالليل ويجوع بالنهار 153
35 * الباب السابع * دعوة المنادى في السحر واستجابة الدعاء فيه وأفضل ساعات الليل 163
36 في نزول ملك إلى السماء الدنيا في ليلة الجمعة وينادي: هل من تائب؟... 164
37 فيمن لا يستجاب دعاؤه 166
38 * الباب الثامن * أصناف الناس في القيام عن فرشهم وثواب احياء الليل كله أو بعضه... 169
39 في أن الناس في القيام عن فراشهم ثلاثة أصناف 169
40 * الباب التاسع * آداب النوم والانتباه 173
41 الدعاء للانتباه من النوم 173
42 أدعية النوم والانتباه 174
43 الدعاء لمن خاف اللصوص، والاحتلام، ومن أراد رؤيا ميت في منامه 176
44 * الباب العاشر * علة صراخ الديك والدعاء عنده 181
45 في الديك الذي كان تحت العرش 181
46 الدعاء عند استماع صوت الديك 184
47 * الباب الحادي عشر * آداب القيام إلى صلاة الليل والدعاء عند ذلك 186
48 الدعاء عند النظر إلى السماء 186
49 معنى ليل داج 188
50 * الباب الثاني عشر * كيفية صلاة الليل والشفع والوتر وسننها وآدابها وأحكامها 194
51 ترجمة: أبو الدرداء، وعروة بن الزبير 194(ه‍)
52 الدعاء في قنوت الوتر 198
53 في وقت صلاة الليل 206
54 دعاء الوتر وما يقال فيه 211
55 صلاة الليل في ليلة الجمعة 233
56 في الذنوب التي تغير النعم، وتورث الندم، وتنزل النقم، وتهتك الستر... 252
57 الدعاء بعد صلاة الليل 258
58 معنى الدعاء وشرح بعض لغاته 263
59 دعاء في قنوت الوتر ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الاستغفار 282
60 دعاء الحزين 288
61 ترجمة ابن خانبه، والبحث حوله 291(ه‍)
62 * الباب الثالث عشر * نافلة الفجر وكيفيتها وتعقيبها والضجعة بعدها 310
63 في نافلة الفجر ووقتها، والبحث فيها 310
64 الأدعية التي يقرء بعد ركعتي الفجر وقبل الفريضة 313
65 في أن عليا عليه السلام كان يستغفر سبعين مرة في سحر كل ليلة، وصورة الاستغفار... 326
66 دعاء الصباح 339
67 في سند دعاء الصباح وشرح بعض لغاته 342
68 في الاضطجاع بعد نافلة الفجر 354