وحليف الهموم، وقرين الأحزان، ورصيد الآفات، وصريع الشهوات (1) وخليفة الأموات.
أما بعد فان فيما تبينت من إدبار الدنيا عني وجموح الدهر علي وإقبال الآخرة إلي ما يزعني عن ذكر من سواي (2) والاهتمام بما ورائي غير أني حيث تفرد بي دون هم الناس هم نفسي، فصدفني رأيي وصرفني عن هواي، وصرح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد لا يرى معه لعب، وصدق لا يشوبه كذب (3) وجدتك بعضي بل وجدتك كلي (4) حتى كان شيئا لو أصابك أصابني، وحتى كان الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني عن أمر نفسي (5) فكتبت إليك كتابي، هذا مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت (6).
فأوصيك بتقوى الله يا بني، ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله، وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله جل جلاله إن أخذت به فأحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهد، وقوة باليقين، ونوره بالحكمة، وذلله بذكر الموت، وقرره بالفناء (7) وأسكنه بالخشية، وأشعره بالصبر، وبصره فجائع الدنيا (8) وحذره صولة