فوقف علينا فسلم ورددنا عليه السلام، ثم قال: مالي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب، وحتى كأن لم يسمعوا ويروا من خبر الأموات قبلهم سبيلهم سبيل قوم سفر (1) عما قليل إليهم راجعون، بيوتهم أجداثهم، ويأكلون تراثهم يظنون أنهم مخلدون بعدهم (2) هيهات هيهات أما يتعظ آخرهم بأولهم لقد جهلوا ونسوا كل وعظ في كتاب الله، وأمنوا شر كل عاقبة سوء، ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة (3).
طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس.
طوبى لمن منعه عيبه، عن عيوب المؤمنين من إخوانه.
طوبى لمن تواضع لله عز ذكره وزهد فيما أحل الله له من غير رغبة عن سيرتي، ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سنتي، واتبع الأخيار من عترتي من بعدي، وجانب أهل الخيلاء والتفاخر والرغبة في الدنيا، المبتدعين خلاف سنتي العاملين بغير سيرتي.