الفائق (1) وقوة النفس بتطريب وغيره كالكثير من المرتاضين من أولي الكد، وهذا حسن، وما للكهنة والممرورين نقص أو ضلال أو تعطيل للقوى كما خلقت لأجله، وأما الفضلاء فرياضاتهم وعلومهم مرموزة مكتومة عن المحجوبين.
وقال الكراجكي - رحمه الله - في كتاب كنز الفوائد: وجدت لشيخنا المفيد - رضي الله عنه - في بعض كتبه أن الكلام في باب رؤيا المنامات عزيز، وتهاون أهل النضر به شديد، والبلية بذلك عظيمة، وصدق القول فيه أصل جليل. والرؤيا في المنام يكون من أربع جهات:
أحدها حديث النفس بالشئ والفكر فيه حتى يحصل كالمنطبع في النفس فيتخيل إلى النائم ذلك بعينه وأشكاله ونتائجه، وهذا معروف بالاعتبار.
الجهة الثانية من الطباع وما يكون من قهر بعضها لبعض، فيضطرب له المزاج ويتخيل لصاحبه ما يلائم ذلك الطبع الغالب من مأكول ومشروب ومرئي وملبوس ومبهج ومزعج. وقد ترى تأثير الطبع الغالب في اليقظة والشاهد، حتى أن من غلب عليه الصفراء يصعب عليه الصعود إلى المكان العالي، يتخيل له من وقوعه منه، ويناله من الهلع والزمع مالا ينال غيره، ومن غلبت عليه السوداء يتخيل له أنه قد صعد في الهواء وناجته الملائكة، ويظن صحة ذلك، حتى أنه ربما اعتقد في نفسه النبوة وأن الوحي يأتيه من السماء وما أشبه ذلك.
والجهة الثالثة ألطاف من الله عز وجل لبعض خلقه من تنبيه وتيسير، وإعذار وإنذار، فيلقي في روعه ما ينتج له تخييلات أمور تدعوه إلى الطاعة، والشكر على النعمة، وتزجره عن المعصية، وتخوفه الآخرة، ويحصل له بها مصلحة، وزيادة فائدة وفكر يحدث له معرفة.
والجهة الرابعة أسباب من الشيطان، ووسوسة يفعلها للانسان، يذكره بها أمورا تحزنه، وأسباب تغمه فيما لا يناله، أو يدعوه إلى ارتكاب محظور يكون فيه عطبه، أو تخيل شبهة في دينه يكون منها هلاكه، وذلك مختص بمن عدم التوفيق