وصفه، وقولنا في المنام الصحيح أن الانسان رأى في نومه النبي صلى الله عليه وآله إنما معناه أنه كأن قد رآه، وليس المراد به التحقق في اتصال شعاع بصره بجسد النبي صلى الله عليه وآله، وأي بصر يدرك به في حال نومه؟ وإنما هي معاني تصورت، وفي نفسه تخيل له فيها أمر لطف الله تعالى له به قام مقام العلم، وليس هذا بمناف للخبر الذي روي من قوله " من رآني فقد رآني " لان معناه: فكأنما رآني، وليس يغلط في هذا المكان إلا من ليس له من عقله اعتبار.
قال المازري من العامة، في شرح قول النبي: " الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ":
مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات، كما يخلقها في قلب اليقظان، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء لا يمنعه النوم واليقظة فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علما على أمور أخر يخلقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها، فإذا خلق في قلب النائم الطيران وليس بطائر فأكثر ما فيه أنه اعتقد أمرا على خلاف ما هو، فيكون ذلك الاعتقاد علما على غيره، كما يكون خلق الله تعالى الغيم علما على المطر، والجميع خلق الله تعالى، ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي جعلها علما على ما يسر بغير حضرة الشيطان، وخلق ما هو علم على ما يضر بحضرة الشيطان فنسب إلى الشيطان مجازا لحضوره عندها وإن كان لا فعل له حقيقة.
وقال البغوي في شرح السنة: ليس كل ما يراه الانسان صحيحا ويجوز تعبيره بل الصحيح ما كان من الله يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها، وهي على أنواع: قد تكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان، أو يريه ما يحزنه، وله مكائد يحزن بها نبي آدم، كما قال تعالى: " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا " ومن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يوجب الغسل، فلا يكون له تأويل، وقد يكون من حديث النفس كما يكون في أمر أو حرقة يرى نفسه في ذلك الامر، والعاشق يرى معشوقه ونحوه، وقد يكون من مزاج الطبيعة، كمن غلب عليه الدم يرى الفصد والحجامة والحمرة و الرعاف والرياحين والمزامير والنشاط ونحوه ومن غلب عليه الصفراء يرى النار و