الشمع والسراج والأشياء الصفر والطيران في الهواء ونحوه، ومن غلب عليه السوداء يرى الظلمة والسواد والأشياء السود وصيد الوحش والأحوال والأموات والقبور والمواضع الخربة وكونه في مضيق لا منفذ له أو تحت ثقل ونحوه، ومن غلب عليه البلغم يرى البياض والمياه والانداء والثلج والوحل فلا تأويل لشئ منها.
وقال السيد المرتضى - رحمه الله - في كتاب الغرر والدرر في جواب سائل سأله:
ما القول في المنامات؟ أصحيحة هي أم باطلة؟ ومن فعل من هي؟ وما وجه صحتها في الأكثر؟ وما وجه الانزال عند رؤية المباشرة في المنام؟ وإن كان فيها صحيح وباطل فما السبيل إلى تمييز أحدهما من الآخر؟:
الجواب: اعلم أن النائم غير كامل العقل، لان النوم ضرب من السهو، والسهو ينفي العلوم، ولهذا يعتقد النائم الاعتقادات الباطلة لنقصان عقله وفقد علومه، وجميع المنامات إنما هي اعتقادات يبتدئها (1) النائم في نفسه، ولا يجوز أن تكون من فعل غيره فيه، لان من عداه من المحدثين، سواء كانوا بشرا أو ملائكة أو جنا، أجسام والجسم لا يقدر أن يفعل في غيره اعتقادا ابتداء بل ولا شيئا من الأجناس على هذا الوجه، وإنما يفعل ذلك في نفسه على سبيل الابتداء. وإنما قلنا: إنه لا يفعل في غير جنس الاعتقادات متولدا، لان الذي يعدي الفعل من محل القدرة إلى غيرها من الأسباب إنما هو الاعتمادات، وليس في جنس الاعتمادات ما يولد الاعتقادات، ولهذا لو اعتمد أحدنا على قلب غيره الدهر الطويل ما تولد فيه شئ من الاعتقادات، وقد بين ذلك وشرح في مواضع كثيرة. والقديم تعالى هو القادر أن يفعل في قلوبنا ابتداء من غير سبب أجناس الاعتقادات، ولا يجوز أن يفعل في قلب النائم اعتقادا، لان أكثر اعتقادات النائم جهل، ويتأول الشئ على خلاف ما هو به، لأنه يعتقد أنه يرى ويمشي وأنه راكب وعلى صفات كثيرة، وكل ذلك على خلاف ما هو به، وهو تعالى لا يفعل الجهل فلم يبق إلا أن الاعتقادات كلها من جهة النائم. وقد ذكر في المقالات أن المعروف بصالح قبة كان يذهب إلى أن ما يراه النائم في منامه على الحقيقة، وهذا جهل منه