مستحيلا. روى جابر بن عبد الله أنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب إذ قام إليه رجل فقال: يا رسول الله إني رأيت كأن رأسي قد قطع، وهو يتد حرج وأنا أتبعه فقال له رسول الله صلى الله عليه وله: لا تحدث بلعب الشيطان بك، ثم قال: إذا لعب الشيطان أحدكم (1) في منامه فلا يحدثن به أحدا.
وأما رؤية الانسان للنبي صلى الله عليه وآله أو لاحد الأئمة عليهم السلام في المنام فإن ذلك عندي على ثلاثة أقسام: قسم أقطع على صحته، وقسم أقطع على بطلانه، وقسم أجوز فيه الصحة والبطلان، فلا أقطع فيه على حال. فأما الذي أقطع على صحته فهو كل منام رأى فيه النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة عليهم السلام وهو الفاعل لطاعة أو آمر بها، وناه عن معصية (2) أو مبين لقبحها، وقائل لحق أو داع إليه، وزاجر عن باطل أو ذام لمن هو عليه، وأما الذي أقطع على بطلانه فهو كل ما كان ضد ذلك، لعلمنا أن النبي صلى الله عليه وآله والإمام عليه السلام صاحبا حق، وصاحب الحق بعيد عن الباطل وأما الذي أجوز فيه الصحة والبطلان فهو المنام الذي يرى فيه النبي والامام عليهما السلام وليس هو آمرا ولا ناهيا وعلى حال يختص بالديانات، مثل أن يراه راكبا أو ماشيا أو جالسا ونحو ذلك.
وأما الخبر الذي يروي عن النبي صلى الله عليه وآله من قول " من رآني فقد رآني، فإن الشيطان لا يتشبه بي " فإنه إن كان المراد به المنام يحمل على التخصيص دون أن يكون في كل حال ويكون المراد به القسم الأول من الثلاثة الأقسام، لان الشيطان لا يتشبه بالنبي صلى الله عليه وآله في شئ من الحق والطاعات، وأما ما روي عنه صلى الله عليه وآله من قوله " من رآني نائما رآني يقظانا " فإنه يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون المراد به رؤية المنام، ويكون خاصا كالخبر الأول على القسم الذي قدمناه والثاني أن يكون أراد به رؤية اليقظة دون المنام، ويكون قوله " نائما " حالا للنبي وليست حالا لمن رآه فكأنه قال: من رآني وأنا نائم فكأنما رآني وأنا منتبه. والفائدة في هذا المقال أن يعلمهم بأنه يدرك في الحالتين إدراكا واحدا، فيمنعهم ذلك إذا حضروا عنده وهو نائم