أن يفيضوا فيما لا يحسن أن يذكروه بحضرته وهو منتبه، وقد روي عنه عليه السلام أنه غفا ثم قام يصلي من غير تجديد وضوء، فسئل عن ذلك فقال: إني لست كأحدكم، تنام عيناي ولا ينام قلبي.
وجميع هذه الروايات أخبار آحاد، فإن سلمت فعلى هذا المنهاج، وقد كان شيخي - رحمه الله - يقول: إذا جاز من بشر أن يدعي في اليقظة أنه إله كفرعون ومن جرى مجراه مع قلة حيلة البشر وزوال اللبس في اليقظة، فما المانع من أن يدعي إبليس عند النائم بوسوسة له أنه نبي؟ مع تمكن إبليس مما لا يتمكن منه البشر وكثرة اللبس المعترض في المنام. ومما يوضح لك أن المنامات التي يتخيل للانسان أنه قد رأى فيها رسول الله والأئمة منها ما هو حق، ومنها ما هو باطل، أنك ترى الشيعي يقول:
رأيت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يأمرني بالاقتداء به دون غيره، ويعلمني أنه خليفته من بعده وأن أبا بكر وعمر وعثمان ظالموه وأعداؤه، وينهاني عن موالاتهم ويأمرني بالبراءة منهم، ونحو ذلك مما يختص بمذهب الشيعة، ثم يرى الناصبي يقول: رأيت رسول الله في النوم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، وهو يأمرني بمحبتهم وينهاني عن بغضهم، ويعلمني أنهم أصحابه في الدنيا والآخرة، وأنهم معه في الجنة. ونحو ذلك مما يختص بمذهب الناصبية فنعلم لا محالة أن أحد المنامين حق والآخر باطل، فأولى الأشياء أن يكون الحق منهما ما ثبت الدليل في اليقظة على صحة ما تضمنه، والباطل ما أوضحت الحجة عن فساده وبطلانه. وليس يمكن الشيعي أن يقول للناصبي: إنك كذبت في قولك:
إنك رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه يقدر أن يقول له مثل هذا بعينه، وقد شاهدنا ناصبيا يتشيع وأخبرنا في حال تشيعه بأنه يرى منامات بالضد مما كان يراه في حال نصبه فبان بذلك أن أحد المنامين باطل، وأنه من نتيجة حديث النفس، أو من وسوسة إبليس ونحو ذلك، وأن المنام الصحيحة (1) هو لطف من الله تعالى بعبده على المعنى المتقدم