خازن النار ففتح له عنها حتى نظر إليها " أمين " أي على وحي الله ورسالته إلى أنبيائه، وفي الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل: ما أحسن ما أثنى عليك ربك " ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين "! فما كانت قوتك؟ وما كانت أمانتك؟ فقال: أما قوتي، بعثت (1) إلى مدائن لوط فهي أربع مدائن، في كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهن فقلبتهن.
وأما أمانتي، فإني لم أومر بشئ فعدوته إلى غيره " ولقد رآه بالأفق المبين " أي رأى محمد صلى الله عليه وآله جبرئيل على صورته التي خلقه الله تعالى عليها حيث تطلع الشمس وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق " وما هو على الغيب بضنين " قرأ أهل البصرة - غير سهل - وابن كثير والكسائي بالظاء، والباقون بالضاد، فعلى الأول المعنى أنه ليس على وحي الله تعالى وما يخبر به من الاخبار بمتهم، فإن أحواله ناطقة بالصدق والأمانة، وعلى الثاني أي ليس ببخيل فيما يؤدي عن الله، إذ يعلمه كما علمه الله تعالى (2).
1 - مجالس الصدوق: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدي، عن الأعمش عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له " النور " وهو قول الله عز وجل " خلق الظلمات والنور " فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال له جبرئيل: يا محمد اعبر على بركة الله، فقد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه، ثم أخرج منه فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها