وقال: الملائكة عند الفلاسفة هم العقول المجردة والنفوس الفلكية، و يخص باسم الكروبيين مالا تكون له علاقة مع الأجسام ولو بالتأثير، وذهب أصحاب الطلسمات إلى أن لكل فلك روحا كليا يدبر أمره، ويتشعب منه أرواح كثيرة مثلا للعرش أعني الفلك الأعظم روح يرى أثره في جميع ما في جوفه يسمى بالنفس الكلية والروح الأعظم، ويتشعب منه أرواح كثيرة متعلقة بأجزاء العرش وأطرافه كما أن النفس الناطقة تدبر أمر بدن الانسان ولها قوة طبيعية وحيوانية و نفسانية بحسب كل عضو، وعلى هذا يحمل قوله تعالى " يوم يقوم الروح والملائكة صفا (1) " وقوله تعالى " وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم (2) " وهكذا سائر الأفلاك، وأثبتوا لكل درجة روحا يظهر أثره عند حلول الشمس تلك الدرجة، وكذا لكل من الأيام والساعات والبحار والجبال والمفاوز والعمران وأنواع النبات والحيوانات وغير ذلك، على ما ورد في لسان الشرع من ملك الأرزاق، وملك البحار، وملك الأمطار، وملك الموت، ونحو ذلك.
وبالجملة فكما ثبت لكل من الأبدان البشرية نفس مدبرة فقد أثبتوا لكل نوع من الأنواع بل لكل صنف روحا يدبره يسمى بالطبائع (3) التام لذلك النوع تحفظه عن الآفات والمخافات، ويظهر أثره في النوع ظهور أثر النفس الانسانية في الشخص (انتهى).
وقال الرازي في تفسيره: إنه لا خلاف بين العقلاء في أن أشرف الرتبة للعالم العلوي هو وجود الملائكة فيه، كما أن أشرف الرتبة للعالم السفلي هو وجود الانسان فيه، إلا أن الناس اختلفوا في ماهية الملائكة وحقيقتهم، وطريق ضبط المذاهب أن يقال: الملائكة لابد وأن تكون ذوات قائمة بأنفسها، ثم إن تلك الذوات إما أن تكون متحيزة أو لا تكون، أما الأول ففيه أقوال: أحدها