المدبرين إلى نفوسنا الناطقة فهذان القسمان قد اتفقت الفلاسفة على إثباتهما.
ومنهم من أثبت أنواعا أخر من الملائكة، وهي الملائكة الأرضية المدبرة لأحوال هذا العالم السفلي. ثم إن مدبرات هذا العالم إن كانت خيرات فهم الملائكة، و إن كانت شريرة فهم الشياطين. ثم اختلف أهل العلم في أنه هل يمكن الحكم بوجودها من حيث العقل أو لا سبيل إلى إثباتها إلا بالسمع؟ فالفلاسفة على الأول.
أقول: ثم ذكر بعض دلائلهم فقال: وأما الدلائل النقلية فلا نزاع البتة بين الأنبياء عليهم السلام في إثبات الملائكة، بل ذلك كالأمر المجمع عليه بينهم، ثم ذكر كثرة الملائكة وبعض الأخبار في ذلك، ثم قال: رأيت في بعض كتب التذكير أن النبي صلى الله عليه وآله حين عرج به رأى الملائكة في موضع بمنزلة سوق بعضهم يمشي تجاه بعض، فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله أنهم إلى أين يذهبون؟ فقال جبرئيل عليه السلام: لا أدري إلا أني أراهم منذ خلقت، ولا أرى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك، ثم سألوا واحدا منهم، وقيل له: منذ كم خلقت؟ فقال: لا أدري غير أن الله تعالى يخلق كوكبا في كل أربعمائة ألف سنة، فخلق مثل ذلك الكواكب منذ خلقني أربعمائة ألف كوكب.
ثم قال: واعلم أن الله ذكر في القرآن أصنافهم وأوصافهم، وأما الأصناف فأحدها حملة العرش " ويحمل عرش ربك الآية (1) " وثانيها الحافون حول العرش " وترى الملائكة حافين الآية - (2) " وثالثها أكابر الملائكة، فمنهم جبرئيل وميكائيل لقوله " جبريل وميكال (3) " ثم إنه وصف جبرئيل بأمور:
الأول أنه صاحب الوحي إلى الأنبياء " نزل به الروح الأمين (4) " والثاني أنه قدمه على ميكائيل، والثالث جعله ثاني نفسه " فإن الله هو موليه وجبرئيل (5) "