وسموها " كبيسة " وسموا أيام الشهر الزائد بأسماء أيام سائر الشهور، وعلى ذلك كانوا يعملون إلى أن زال ملكهم، وباد دينهم، وأهملت الأرباع بعدهم ولم يكبس بها السنون حتى يعود إلى حالها الأولى، ولا يتأخر عن الأوقات المحمودة كثير تأخر، من أجل أن ذلك أمر كان يتولاه ملوكهم بمحضر الحساب وأصحاب الكتاب، وناقلي الاخبار والرواة، ومجمع الهرابذة والقضاة، واتفاق منهم جميعا على صحة الحساب بعد استحضار من بالآفاق من المذكورين إلى دار الملك ومشاورتهم حتى يتفقوا، واتفاق الأموال الجمة، حتى قال المقل في التقدير إنه كان ينفق ألف ألف دينار، وكان يتخذ ذلك اليوم أعظم الأعياد قدرا، وأشهرها حالا وأمرا، ويسمى " عيد الكبيسة " ويترك الملوك لرعيته خراجها، والذي كان يحول بينهم وبين إلحاق ربع يوم في كل أربع سنين يوما واحدا بأحد الشهور أو الخمسة قولهم أن الكبس يقع على الشهور لا على الأعوام لكراهتهم الزيادة في عدتها، وامتناع ذلك في الزمزمة لما وجب في الدين من ذكر اليوم الذي يزمزم فيه ليصح إذا زيد في عدد الأيام يوم زائد. وكانت الأكاسرة رسمت لكل يوم نوعا من الرياحين والزهر يوضع بين يديه، ولونا من الشراب على رسم منتظم لا يخالفونه في الترتيب، والسبب في وضعهم هذه الأيام الخمسة اللواحق في آخر أبان ماه ما بينه وبين آذر ماه أن الفرس زعموا أن مبدأ سنتهم من لدن خلق الانسان الأول، وأن ذلك كان روز هرمز، وماه فروردين، و الشمس في نقطة الاعتدال الربيعي متوسطة السماء، وذلك أول الألف السابع من ألوف سني العالم عندهم، وبمثله قال أصحاب الاحكام من المنجمين أن السرطان طالع العالم، وذلك أن الشمس في أول أدوار السند هند هي في أول الحمل على منتصف نهايتي العمارة، وإذا كانت كذلك كان الطالع السرطان، وهو لابتداء الدور والنشوء عندهم كما قلنا. وقد قيل: إنه سمي بذلك لأنه أقرب البروج رأسا من الربع المعمور، وفيه شرف المشتري المعتدل المزاج، والنشوء لا يكون إلا إذا عملت الحرارة المعتدلة في الرطوبة، فهو إذن أولى أن يكون طالع نشوء العالم
(١١٥)