منهم بأوليائه المؤمنين، ويجعل لهم الكرة عليهم، فلا يبقى منهم إلا من هو مغموم بالعذاب، والنقمة والعقاب، وتصفو الأرض من الطغاة، ويكون الدين لله تعالى.
والرجعة إنما هي لممحضي الإيمان من أهل الملة، وممحضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية.
فصل:
وقد قال قوم من المخالفين لنا: كيف يعود كفار الملة بعد الموت إلى طغيانهم وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ، وتيقنوا بذلك أنهم مبطلون، فقلت لهم:
ليس ذلك بأعجب من الكفار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحل بهم من العذاب ويعلمونه ضرورة، بعد الموافقة لهم والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا فيقولون:
" يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " (1) فقال الله عز وجل " بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " فلم يبق للمخالف بعد هذا الاحتجاج شبهة يتعلق بها فيما ذكرناه والمنة لله.
وقال السيد الشريف المرتضى رضي الله عنه وحشره مع آبائه الطاهرين في أجوبة المسائل التي وردت عليه من بلد الري حيث سألوا عن حقيقة الرجعة، لأن شذاذ الإمامية يذهبون إلى أن الرجعة رجوع دولتهم في أيام القائم عليه السلام من دون رجوع أجسامهم:
الجواب: اعلم أن الذي تذهب الشيعة الإمامية إليه أن الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي عليه السلام قوما ممن كان قد تقدم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ومشاهدة دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم فيلتذوا بما يشاهدون من ظهور الحق، وعلو كلمة أهله.
والدلالة على صحة هذا المذهب أن الذي ذهبوا إليه مما لا شبهة على عاقل في أنه مقدور لله تعالى، غير مستحيل في نفسه، فانا نرى كثيرا من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة، وإذا ثبت جواز الرجعة