وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب في القتل، على أيدي شيعته، وليبتلوا بالذل والخزي، بما يشاهدون من علو كلمته.
ولا يمتري عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه، وصح عن النبي صلى الله عليه وآله قوله " سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه ".
على أن جماعة من العلماء تأولوا ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي، دون رجوع الأشخاص لما ظنوا أن الرجعة تنافي التكليف وليس كذلك، لأنه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب، والامتناع من القبيح، و التكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر، وقلب العصا ثعبانا وما أشبه ذلك.
ولأن الرجعة لم يثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيتطرق التأويل عليها وإنما المعول في ذلك على إجماع الشيعة الإمامية وإن كانت الأخبار تعضده وتؤيده انتهى.
أقول: استدل الشيخ في تفسيره التبيان أيضا على مذهب القائلين بالرجعة وإنما ذكرنا هذا الكلام بطوله لكثرة فوائده، وليعلم أقوال المخالفين في الدابة وأنه يظهر من أخبارهم أيضا أن الدابة تكون صاحب العصا والميسم، وقد رووا ذلك في جميع كتبهم، وليعلم المراد مما استفيض عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه ذكر في المواطن الكثيرة: أنا صاحب العصا والميسم.
وروى الزمخشري في الكشاف أنها تخرج من الصفا، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، فتضرب المؤمن في مسجده، أو فيما بين عينيه بعصا موسى، فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضئ لها وجهه كأنه كوكب دري وتكتب بين عينيه مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتى يسود