تلك الكلمات التي لم تسمعها اذني، ولم ترها عيني، مما وصلت إليه من الأدعية المأثورة، وعرفت أن الناجي ينشئها في الحال، لا أنه ينشد ما أودعه في البال.
فوقفت في مكاني مستمعا متلذذا إلى أن فرغ من مناجاته، فالتفت إلي وصاح بلسان العجم: " مهدي بيا " أي: هلم يا مهدي، فتقدمت إليه بخطوات فوقفت، فأمرني بالتقدم فمشيت قليلا ثم وقفت، فأمرني بالتقدم وقال: إن الأدب في الامتثال، فتقدمت إليه بحيث تصل يدي إليه، ويده الشريفة إلي وتكلم بكلمة.
قال المولى السلماسي رحمه الله: ولما بلغ كلام السيد السند إلى هنا أضرب عنه صفحا، وطوى عنه كشحا، وشرح في الجواب عما سأله المحقق المذكور قبل ذلك عن سر قلة تصانيفه، مع طول باعه في العلوم، فذكر له وجوها فعاد المحقق القمي فسأل عن هذا الكلام الخفي فأشار بيده شبه المنكر بأن هذا سر لا يذكر.
الحكاية العاشرة حدثني الأخ الصفي المذكور عن المولى السلماسي رحمه الله تعالى، قال:
كنت حاضرا في محفل إفادته، فسأله رجل عن إمكان رؤية الطلعة الغراء في الغيبة الكبرى، وكان بيده الآلة المعروفة لشرب الدخان المسمى عند العجم بغليان فسكت عن جوابه وطأطأ رأسه، وخاطب نفسه بكلام خفي أسمعه فقال ما معناه:
" ما أقول في جوابه؟ وقد ضمني صلوات الله عليه إلى صدره، وورد أيضا في الخبر تكذيب مدعي الرؤية، في أيام الغيبة " فكرر هذا الكلام.
ثم قال في جواب السائل: إنه قد ورد في أخبار أهل العصمة تكذيب من ادعى رؤية الحجة عجل الله تعالى فرجه، واقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه.