بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٣ - الصفحة ٢٥٢
يدي وصدروني في مجلسهم، وأكرموني غاية الاكرام، وأخذوا لباسي تبركا به وكسوني ألبسة جديدة فاخرة، وأضافوني يومين وليلتين.
فلما كان اليوم الثالث أعطوني عشرة توأمين، ووجهوا معي ثلاثة منهم حتى أدركت القافلة.
الحكاية الثانية والعشرون السيد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين في ترجمة آية الله العلامة الحلي قدس سره أن من جملة مقاماته العالية، أنه اشتهر عند أهل الايمان أن بعض علماء أهل السنة ممن تتلمذ (1) عليه العلامة في بعض الفنون ألف كتابا في رد الإمامية، ويقرء للناس في مجالسه ويضلهم، وكان لا يعطيه أحدا خوفا من أن يرده أحد من الامامية، فاحتال رحمه الله في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تتلمذه عليه وسيلة لأخذه الكتاب منه عارية، فالتجأ الرجل واستحيى من رده وقال:
إني آليت على نفسي أن لا أعطيه أحدا أزيد من ليلة، فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان، فأخذه منه وأتى به إلى بيته لينقل منه ما تيسر منه.
فلما اشتغل بكتابته وانتصف الليل، غلبه النوم، فحضر الحجة عليه السلام وقال:
ولني الكتاب وخذ في نومك فانتبه العلامة وقد تم الكتاب باعجازه عليه السلام (2).
وظاهر عبارته يوهم أن الملاقاة والمكالمة كان في اليقظة وهو بعيد والظاهر أنه في المنام والله العالم.

(1) هذا هو الصحيح، يقال: تلمذ له وتتلمذ: صار تلميذا له، والتلميذ المتعلم والخادم، وعن بعضهم هو الشخص الذي يسلم نفسه لمعلم ليعلمه صنعته سواء كانت علما أو غيره فيخدمه مدة حتى يتعلمها منه، وأما ما في الأصل المطبوع " تلمذ " بتشديد الميم فهو من الأغلاط المشهورة.
(2) ورأيت هذه الحكاية في مجموعة كبيرة، من جمع الفاضل الألمعي علي بن إبراهيم المازندراني وبخطه، وكان معاصرا للشيخ البهائي رحمه الله، هكذا:
الشيخ الجليل جمال الدين الحلي، كان علامة علماء الزمان - إلى أن قال -: وقد قيل: انه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينتسخه، وهو كان يأبى عليه، وكان كتابا كبيرا جدا، فاتفق أن أخذه منه شرطا: بأن لا يبقى عنده غير ليلة واحدة، وهذا كتاب لا يمكن نسخه الا في سنة أو أكثر.
فآلى به الشيخ رحمه الله، وشرع في كتابته في تلك الليلة فكتب منه صفحات ومله وإذا برجل دخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز، فسلم وجلس، ثم قال: أيها الشيخ أنت مصطر لي الأوراق وأنا أكتب.
فكان الشيخ يمصطر له الورق وذلك الرجل يكتب وكان لا يلحق المصطر بسرعة كتابته فلما نقر ديك الصباح وصاح، وإذا الكتاب بأسره مكتوب تماما.
وقد قيل: إن الشيخ لما مل الكتابة نام فانتبه فرأى الكتاب مكتوبا، والله أعلم منه رحمه الله.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست