ملاصقة لثيابه وأحببت أن أعرف الوقت والساعة، وأنا لا أسمع من كثرة أصوات الناس صوت ساعات الحرم، فصار في مقابلي رجل عنده ساعة، فقمت لأسأله عنها وخطوت خطوة ففاتني صاحب الساعة، لتزاحم الناس، فعدت بسرعة إلى موضعي ولعل إحدى رجلي لم تفارقه فلم أجد صاحبي وندمت على قيامي ندما عظيما وعاتبت نفسي عتابا شديدا.
الحكاية العشرون قصة العابد الصالح التقي السيد محمد العاملي رحمه الله ابن السيد عباس سلمه الله [آل العباس شرف الدين] الساكن في قرية جشيث من قرى جبل عامل وكان من قصته أنه رحمه الله لكثرة تعدي الجور عليه خرج من وطنه خائفا هاربا مع شدة فقره، وقلة بضاعته، حتى أنه لم يكن عنده يوم خروجه إلا مقدارا لا يسوى قوت يومه، وكان متعففا لا يسأل أحدا.
وساح في الأرض برهة من دهره، ورأي في أيام سياحته في نومه ويقظته عجائب كثيرة، إلى أن انتهى أمره إلى مجاورة النجف الأشرف على مشرفها آلاف التحية والتحف، وسكن في بعض الحجرات الفوقانية من الصحن المقدس وكان في شدة الفقر، ولم يكن يعرفه بتلك الصفة إلا قليل وتوفي رحمه الله في النجف الأشرف، بعد مضي خمس سنوات من يوم خروجه من قريته.
وكان أحيانا يراودني، وكان كثير العفة والحياء يحضر عندي أيام إقامة التعزية، وربما استعار مني بعض كتب الأدعية لشدة ضيق معاشه، حتى أن كثيرا ما لا يتمكن لقوته إلا [على] تميرات، يواظب الأدعية المأثورة لسعة الرزق حتى كأنه ما ترك شيئا من الأذكار المروية والأدعية المأثورة.
واشتغل بعض أيامه على عرض حاجته على صاحب الزمان عليه سلام الله الملك المنان أربعين يوما وكان يكتب حاجته، ويخرج كل يوم قبل طلوع الشمس من البلد من الباب الصغير الذي يخرج منه إلى بحر، ويبعد عن طرف اليمين