فلما كان بعد سنين زرت قبر المصطفى صلى الله عليه وآله فبينا أنا في الروضة التي بين القبر والمنبر إذ غلبتني عيني فإذا محرك يحركني فاستيقظت فإذا أنا بالأسود فقال:
ما خبرك؟ وكيف كنت؟ فقلت: أحمد الله وأذمك، فقال: لا تفعل فاني أمرت بما خاطبتك به، وقد أدركت خيرا كثيرا فطب نفسا وازدد من الشكر لله عز وجل على ما أدركت وعاينت، ما فعل فلان؟ وسمى بعض إخواني المستبصرين، فقلت: ببرقة، فقال: صدقت ففلان؟ وسمى رفيقا لي مجتهدا في العبادة، مستبصرا في الديانة، فقلت: بالإسكندرية حتى سمى لي عدة من إخواني.
ثم ذكر اسما غريبا فقال: ما فعل نقفور؟ قلت: لا أعرفه، فقال: كيف تعرفه وهو رومي فيهديه الله فيخرج ناصرا من قسطنطينية ثم سألني عن رجل آخر فقلت: لا أعرفه، فقال هذا رجل من أهل هيت من أنصار مولاي عليه السلام امض إلى أصحابك، فقل لهم: نرجو أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين، وفي الانتقام من الظالمين، وقد لقيت جماعة من أصحابي وأديت إليهم وأبلغتهم ما حملت وأنا منصرف وأشير عليك أن لا تتلبس بما يثقل به ظهرك، وتتعب به جسمك، وأن تحبس نفسك على طاعة ربك، فان الامر قريب إن شاء الله.
فأمرت خازني فأحضرني خمسين دينارا وسألته قبولها فقال: يا أخي قد حرم الله علي أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه كما أحل لي أن آخذ منك الشئ إذا احتجت إليه فقلت له: هل سمع هذا الكلام منك أحد غيري من أصحاب السلطان؟ فقال:
نعم أخوك أحمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بآذربيجان وقد استأذن للحج تأميلا أن يلقى من لقيت فحج أحمد بن الحسين الهمداني في تلك السنة فقتله ركزويه بن مهرويه وافترقنا وانصرفت إلى الثغر.
ثم حججت فلقيت بالمدينة رجلا اسمه طاهر من ولد الحسين الأصغر يقال إنه يعلم من هذا الامر شيئا فثابرت عليه حتى أنس بي وسكن إلي ووقف على صحة عقدي فقلت له: يا ابن رسول الله بحق آبائك الطاهرين عليهم السلام لما جعلتني مثلك في العلم بهذا الامر، فقد شهد عندي من توثقه بقصد القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب