بي المغرب والعشاء وجلسنا نتحدث فانفتح السقف ورفع التابوت.
فقلت: يا مولاي ليطالبني المأمون به فما تكون حيلتي؟ فقال: لا عليك سيعود إلى موضعه فما من نبي يموت في مغرب الأرض ولا يموت وصي من أوصيائه في مشرقها إلا جمع الله بينهما قبل أن يدفن، فلما مضى من الليل نصفه أو أكثر إذا التابوت رجع من السقف حتى استقر مكانه.
فلما صلينا الفجر قال: افتح باب الدار فان هذا الطاغي يجيئك الساعة فعرفه أن الرضا عليه السلام قد فرغ من جهازه، قال: فمضيت نحو الباب فالتفت فلم أره يدخل من باب ولم يخرج من باب فإذا المأمون قد وافى فلما رآني قال: ما فعل الرضا؟ قلت: عظم الله أجرك، فنزل وخرق ثيابه، وسفى التراب على رأسه وبكى طويلا ثم قال: خذوا في جهازه فقلت: قد فرغ منه، قال: ومن فعل به ذلك؟ قلت:
غلام وافاه لم أعرفه إلا أني ظننته ابن الرضا عليه السلام.
قال فاحفروا له في القبة قلت: فإنه سألك أن تحضر موضع دفنه قال: نعم فأحضروا كرسيا وجلس عليه وأمر أن يحفروا له عند الباب فخرجت الصخرة فأمر بالحفر في يمنة القبة، فخرجت النبكة ثم أمر بذلك في يسرتها فبرزت النبكة الأخرى وأمر بالحفر في الصدر فاستمر الحفر.
فلما فرغت منه وضعت يدي إلى أسفل القبر وتكلمت بالكمات، فنبع الماء وظهرت السميكات، ففتت لها كسرة فأكلت ثم ظهرت السمكة الكبيرة فابتلعتها كلها وغابت فوضعت يدي على الماء وأعدت الكلمات فنضب الماء كله وانتزعت الكلمات من صدري من ساعتي فلم أذكر منها حرفا واحدا فقال المأمون: يا أبا الصلت الرضا عليه السلام أمرك بهذا؟ قلت: نعم قال: ما زال الرضا عليه السلام يرينا العجائب في حياته ثم أراناها بعد وفاته.
فقال لوزيره: ما هذا؟ قال: ألهمت أنه ضرب لكم مثلا بأنكم تمتعون في الدنيا قليلا مثل هذه السميكات ثم يخرج واحد منهم فيهلككم فلما دفن عليه السلام قال لي المأمون: علمني الكلمات، قلت: قد والله انتزعت من