فاسأل الذين يقرؤن الكتاب بمحضر من الجهلة هل بعث الله نبيا قبلك إلا وهو يأكل الطعام، ويشرب الشراب، ولك بهم أسوة يا محمد.
وإنما قال: " فان كنت في شك " ولم يكن (1) للنصفة كما قال: " قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم " (2) ولو قال: " تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم " لم يكونوا يجيبوا إلى المباهلة، وقد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي صلى الله عليه وآله بأنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف من نفسه.
وأما قوله: " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام " (3) الآية فهو كذلك لو أن أشجار الدنيا أقلام والبحر مداد يمده سبعة أبحر حتى انفجرت الأرض عيونا كما انفجرت في الطوفان، ما نفدت كلمات الله وهي عين الكبريت، وعين اليمن، وعين وبرهوت، وعين طبرية، وحمة ماسيدان، تدعى لسان، وحمة إفريقية تدعى بسيلان، وعين باحوران ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى.
وأما الجنة ففيها من المآكل والمشارب والملاهي، وما تشتهيه الأنفس وتلد الأعين وأباح الله ذلك لآدم، والشجرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته أن لا يأكلا منها شجرة الحسد، عهد الله إليهما أن لا ينظر ا إلى من فضل الله عليهما، وعلى خلائقه بعين الحسد " فنسي ولم نجد له عزما " (4).
وأما قوله: " أو يزوجهم ذكرانا وإناثا " (5) فان الله تعالى زوج الذكران المطيعين، ومعاذ الله أن يكون الجليل العظيم عنى ما لبست على نفسك بطلب