بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٠ - الصفحة ١٧٠
وأما قولك إن عليا عليه السلام قاتل أهل صفين مقبلين ومدبرين، وأجهز على جريحهم وأنه يوم الجمل ألم يتبع موليا ولم يجهز على جريحهم، وكل من ألقى سيفه وسلاحه آمنه، فان أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها، وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين، ولا محتالين، ولا متجسسين ولا مبارزين، فقد رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيه رفع السيف والكف عنهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا.
وأهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام منتصب، يجمع لهم السلاح من الرماح، والدروع، والسيوف، ويستعد لهم، ويسني لهم العطاء ويهيئ لهم الأموال، ويعقب مريضهم، يجبر كسيرهم، ويداوي جريحهم، ويحمل راجلهم ويكسو حاسرهم، ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم.
فان الحكم في أهل البصرة الكف عنهم لما ألقوا أسلحتهم إذ لم تكن لهم فئة يرجعون إليها، والحكم في أهل صفين أن يتبع مدبرهم، ويجهز على جريحهم فلا يساوى بين الفريقين في الحكم، ولولا أمير المؤمنين عليه السلام وحكمه في أهل صفين والجمل، لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبى ذلك عرض على السيف.
وأما الرجل الذي أقر باللواط (1) فإنه أقر بذلك متبرعا من نفسه، و

(١) روى الكليني في الكافي ج ٧ ص ٢٠١ عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بينما أمير المؤمنين " ع " في ملاء من أصحابه إذا أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين انى قد أوقبت على غلام فطهرني! فقال له: يا هذا امض إلى منزلك لعل مرارا هاج بك.
فلما كان من غد عاد إليه فقال له: يا أمير المؤمنين انى أو قبت على غلام فطهرني!
فقال له: يا هذا امض إلى منزلك لعل مرارا هاج بك حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته الأولى.
فلما كان في الرابعة قال: يا هذا ان رسول الله صلى الله عليه وآله حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيهن شئت، قال: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أو دهداه من جبل مشدود اليدين والرجلين، أو احراق بالنار فقال: يا أمير المؤمنين أيهن أشد على؟ قال: الاحراق بالنار، قال: فانى قد اخترتها يا أمير المؤمنين قال: فخذ أهبتك فقال: نعم.
فقام فصلى ركعتين ثم جلس في تشهده فقال: اللهم إني قد أتيت من الذنب ما قد علمته وانى تخوفت من ذلك فجئت إلى وصى رسولك وابن عم نبيك فسألته أن يطهرني فخيرني بين ثلاثة أصناف من العذاب، اللهم فانى قد اخترت أشدها اللهم فانى أسألك أن تجعل ذلك كفارة لذنوبي، وأن لا تحرقني بنارك في آخرتي.
ثم قام وهو باك حتى جلس في الحفرة التي حفرها له أمير المؤمنين " ع " وهو يرى النار يتأجج حوله.
قال: فبكى أمير المؤمنين عليه السلام وبكى أصحابه جميعا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: قم يا هذا فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الأرض، فان الله قد تاب عليك فقم ولا تعادون شيئا مما قد فعلت.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب) * * تاريخ الامام التاسع والسيد القانع، حجة الله على جميع العباد، * * وشافع يوم التناد وأبى جعفر محمد التقى الجواد صلوات الله عليه * * الباب الأول * مولده، ووفاته، وأسماؤه، وألقابه، وأحوال أولاده صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأولاده الطاهرين 1
3 مولده وأمه عليه السلام 1
4 بحث وتحقيق حول: ابن الرضا 3
5 في قطع يد السارق 5
6 تحقيق في ولادته وشهادته عليه السلام 11
7 * الباب الثاني * النصوص عليه صلوات الله وسلامه عليه 18
8 النصوص عليه عليه السلام 18
9 * الباب الثالث * معجزاته صلوات الله وسلامه عليه 37
10 في كتاب كتبه عليه السلام لإبراهيم بن محمد 37
11 تسييره عليه السلام الرجل من الشام إلى الكوفة ثم إلى المدينة ورجوعه إلى الشام 38
12 فيما أمره عليه السلام بأبي الصلت الهروي في دفنه 49
13 معجزاته عليه السلام الأخرى 51
14 * الباب الرابع * تزويجه عليه السلام أم الفضل، وما جرى في هذا المجلس من الاحتجاج والمناظرة 73
15 الخطبة التي خطبها عليه السلام لما زوج 73
16 في محرم قتل صيدا 76
17 في الخبر الذي روي: يا محمد: سل أبا بكر هل هو عني راض فاني عنه راض 80
18 * الباب الخامس * فضائله، ومكارم أخلاقه، وجوامع أحواله عليه السلام، و أحوال خلفاء الجور في زمانه وأصحابه وما جرى بينه وبينهم 85
19 في كتاب كتبه عليه السلام لرجل إلى والي سجستان 86
20 في ملاقاته عليه السلام مع المأمون في الطريق 91
21 بيان وتحقيق دقيق في أنه عليه السلام أجاب بثلاثين ألف مسألة 93
22 فيما قالته أم عيسى (أم الفضل) بنت المأمون زوجته عليه السلام لحكيمة وعدم تأثير السيف 95
23 في اجتماع الشيعة بعد شهادة الإمام الرضا عليه السلام 99
24 * أبواب * * تاريخ الامام العاشر، والنور الزاهر، والبدر الباهر ذي الشرف * * والكرم والمجد والأيادي، أبى الحسن الثالث علي بن محمد النقي * * الهادي، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأولاده * * ما تعاقبت الأيام والليالي * * الباب الأول * أسمائه، وألقابه، وكناه، وعللها، وولادته عليه السلام 113
25 في أسمائه وألقابه عليه السلام 113
26 في ولادته عليه السلام 114
27 * الباب الثاني * النصوص على الخصوص عليه صلوات الله عليه 118
28 * الباب الثالث * معجزاته، وبعض مكارم أخلاقه، ومعالي أموره عليه السلام 124
29 علمه عليه السلام بالغائب 125
30 قصه رجل النقاش الذي كسر الفص 125
31 تكلمه عليه السلام بالفارسية 131
32 إخراجه عليه السلام الروضات بخان الصعاليك، وفيه: بيان وتحقيق وتأييد 132
33 علمه عليه السلام بحوائج رجل من أهل إصفهان 141
34 قصة يوسف النصراني الذي دعيت إلى المتوكل، وقصة حماده 144
35 قصة زينب الكذابة 149
36 علمه عليه السلام بموت الواثق وقعود المتوكل مكانه، وترجمة الواثق والمتوكل في ذيل الصفحة 151
37 فيمن نذر أن يتصدق بمال كثير، ونذر المتوكل 162
38 العلة التي من أجلها بعث الله موسى عليه السلام بالعصا وعيسى عليه السلام بابراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، وبعث محمدا صلى الله عليه وآله بالقرآن والسيف، ومعنى قوله تعالى: " قال الذي عنده علم من الكتاب "، وسجود يعقوب لولده يوسف ومعنى قوله تعالى: " فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب " 164
39 معنى قوله تعالى: " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام " وكلمات الله، وما في الجنة، والشجرة المنهية، وشهادة امرأة، وقول علي عليه السلام في الخنثى، والراعي الذي نزا على شاة، والجهر في صلاة الفجر، وقول علي عليه السلام: بشر قاتل ابن صفية بالنار، وفي الذيل ما يناسب المقام 166
40 في حرب الصفين والجمل، والرجل الذي أقر باللواط، وفي الذيل ما يناسب 170
41 فيما قاله عليه السلام في التوحيد والنبوة 177
42 * الباب الرابع * ما جرى بينه وبين خلفاء زمانه وبعض أحوالهم وتاريخ وفاته عليه السلام 189
43 دعاؤه عليه السلام على المتوكل 192
44 العلة التي من أجلها ورد عليه السلام بسر من رأى 200
45 في وفاته عليه السلام 205
46 حضوره عليه السلام في مجلس المتوكل، وقوله عليه السلام: باتوا على قلل الاجبال 211
47 * الباب الخامس * أحوال أصحابه وأهل زمانه صلوات الله عليه 215
48 أبو نواس 215
49 بابه وثقاته ووكلائه وأصحابه عليه السلام وأشعار البختري 216
50 المذمومين 221
51 * الباب السادس * أحوال جعفر وسائر أولاده صلوات الله وسلامه عليه 227
52 التوقيع الذي خرج من الناحية المقدسة في أولاد الأئمة عليهم السلام 227
53 التوقيع الذي خرج من الناحية المقدسة إلى أحمد بن إسحاق 228
54 أولاده عليه السلام وعددهم 231
55 * أبواب * * تاريخ الامام الحادي عشر، وسبط سيد البشر، ووالد * * الخلف المنتظر، وشافع المحشر، السيد الرضى الزكي، * * أبى محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه وعلى * * آبائه الكرام، وخلفه خاتم الأئمة الاعلام، ما تعاقبت * * الليالي والأيام * * الباب الأول * ولادته، وأسمائه، ونقش خاتمه وأحوال أمه، وبعض جمل أحواله عليه الصلاة والسلام 235
56 في مولده عليه السلام 235
57 ألقابه والأقوال في ولادته عليه السلام 236
58 * الباب الثاني * النصوص على الخصوص عليه صلوات الله وسلامه عليه 239
59 * الباب الثالث * معجزاته ومعالي أموره صلوات الله وسلامه عليه 247
60 هدى الدواب وسكونها 251
61 العلة التي من أجلها صارت ارث المرأة نصف الرجل 255
62 في قصده عليه السلام 260
63 في نكاح الزاني والزانية 291
64 حديث البساط 304
65 * الباب الرابع * مكارم أخلاقه، ونوادر أحواله، وما جرى بينه وبين خلفاء الجور وغيرهم، وأحوال أصحابه وأهل زمانه، صلوات الله عليه 306
66 في أنه عليه السلام رمي بين السباع 309
67 فيما ألقاه عليه السلام إلى تلميذ إسحاق الكندي الذي ألف كتابا في تناقض القرآن 311
68 في إطلاق جعفر بشفاعته عليه السلام 313
69 حديث البساط، وما كتبه عليه السلام إلى أهل قم، وإلى علي بن بابويه القمي 316
70 قصة أحمد بن إسحاق الأشعري وحسين... الإمام الصادق عليه السلام 323
71 * الباب الخامس * وفاته صلوات الله عليه والرد على من ينكرها 325
72 في وفاته عليه السلام 325
73 حديث أبي الأديان 332
74 الأقوال في وفاته ومدة عمره عليه السلام 335
75 دفع شبهة في احتراق الحرم العسكريين عليهما السلام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله 337