حلالا من حرام، إلا معرفة لا تأتي به رعية، ولا تقوم به حجة، ولو كان مستأهلا قد أحكمته التجارب، وتفقه في الدين، وبلغ مبلغ أمير العدل في الزهد في الدنيا وصرف النفس عنها ما كان له عندي في الخلافة إلا ما كان لرجل من عك وحمير (1) فلا تكثروا في هذا المقال، فان لساني لم يزل مخزونا عن أمور وأنباء، كراهية أن تخنث النفوس عندما تنكشف، علما بأن الله بالغ أمره، ومظهر قضاه يوما.
فإذا أبيتم إلا كشف الغطاء، وقشر العظاء، فالرشيد أخبرني عن آبائه وعما وجد في كتاب الدولة وغيرها أن السابع من ولد العباس لا تقوم لبني العباس بعده قائمة ولا تزال النعمة متعلقة عليهم بحياته، فإذا أودعت فودعها، فإذا أودع فودعاها، وإذا فقدتم شخصي فاطلبوا لأنفسكم معقلا وهيهات، ما لكم إلا السيف يأتيكم الحسني الثائر البائر، فيحصدكم حصدا، أو السفياني المرغم والقائم المهدي يحقن دمائكم إلا بحقها.