قتل علي عليه السلام منهم نيفا وعشرين وأربعون لسائر الناس، فقال قائل: كان أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وآله في عريشه يدبرها، فقال المأمون: لقد جئت بها عجيبة أكان يدبر دون النبي صلى الله عليه وآله أو معه فيشركه، أو لحاجة النبي صلى الله عليه وآله إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك؟ فقال: أعوذ بالله من أن أزعم أنه يدبر دون النبي صلى الله عليه وآله أو يشركه أو بافتقار من النبي صلى الله عليه وآله إليه.
قال: فما الفضيلة في العريش؟ فان كانت فضيلة أبي بكر بتخلفه عن الحرب فيجب أن يكون كل متخلف فاضلا أفضل من المجاهدين والله عز وجل يقول:
" لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " (1).
قال إسحاق بن حماد بن زيد: ثم قال لي: " اقرأ هل أتى على الانسان حين من الدهر " فقرأت حتى بلغت " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " إلى قوله " وكان سعيكم مشكورا " (2) فقال: فيمن نزلت هذه الآيات؟ قلت: في علي عليه السلام قال: فهل بلغك أن عليا عليه السلام قال: حين أطعم المسكين واليتيم والأسير " إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " على ما وصف الله عز وجل في كتابه؟ فقلت: لا، قال: فان الله عز وجل عرف سريرة علي عليه السلام ونيته فأظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره، فهل علمت أن الله عز وجل وصف في شئ مما وصف في الجنة ما في هذه السورة " قوارير من فضة " قلت: لا قال:
فهذه فضيلة أخرى، فكيف يكون القوارير من فضة؟ قلت: لا أدري قال: يريد كأنها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها.
وهذا مثل قوله صلى الله عليه وآله " يا أنجشة رويدا سوقك بالقوارير " (3) وعنى به النساء