فقال: يا أمير المؤمنين ما هذا بصواب، قتلت بالأمس أخاك، وأزلت الخلافة عنه، وبنو أبيك معادون لك، وجميع أهل العراق وأهل بيتك والعرب، ثم أحدثت هذا الحدث الثاني: إنك جعلت ولاية العهد لأبي الحسن وأخرجتها من بني أبيك والعامة والعلماء والفقهاء وآل عباس لا يرضون بذلك، وقلوبهم متنافرة عنك، و الرأي أن تقيم بخراسان حتى تسكن قلوب الناس على هذا، ويتناسوا ما كان من أمر محمد أخيك، وهيهنا يا أمير المؤمنين مشايخ قد خدموا الرشيد، وعرفوا الامر فاستشرهم في ذلك، فان أشاروا به فأمضه.
فقال المأمون: مثل من؟ قال: مثل علي بن أبي عمران، وابن مؤنس، والجلودي وهؤلاء هم الذين نقموا بيعة أبي الحسن عليه السلام ولم يرضوا به، فحبسهم المأمون بهذا السبب فقال المأمون: نعم، فلما كان من الغد جاء أبو الحسن عليه السلام فدخل على المأمون فقال: يا أمير المؤمنين ما صنعت؟ فحكى له ما قال ذو الرئاستين.
ودعا المأمون بهؤلاء النفر فأخرجهم من الحبس فأول من دخل عليه علي بن أبي عمران فنظر إلى الرضا عليه السلام بجنب المأمون فقال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تخرج هذا الامر الذي جعله الله لكم وخصكم به، وتجعله في أيدي أعدائكم ومن كان آباؤك يقتلونهم، ويشردونهم في البلاد، قال المأمون له: يا ابن الزانية وأنت بعد على هذا؟ قدمه يا حرسي واضرب عنقه، فضربت عنقه، وادخل ابن مؤنس فلما نظر إلى الرضا عليه السلام بجنب المأمون قال: يا أمير المؤمنين هذا الذي بجنبك والله صنم يعبد دون الله قال له المأمون: يا ابن الزانية وأنت بعد على هذا يا حرسي قدمه واضرب عنقه، فضرب عنقه، ثم ادخل الجلودي.
وكان الجلودي في خلافة الرشيد لما خرج محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة بعثه الرشيد وأمره إن ظفر به أن يضرب عنقه، وأن يغير على دور آل أبي طالب وأن يسلب نساءهم ولا يدع على واحدة منهن إلا ثوبا واحدا، ففعل الجلودي ذلك، وقد كان مضى أبو الحسن موسى عليه السلام فصار الجلودي إلى باب أبي الحسن الرضا عليه السلام فانهجم على داره مع خيله، فلما نظر إليه الرضا عليه السلام جعل النساء كلهن