قال: فعلي عليه السلام كذلك؟ قلت: لا، قال: فهارون نبي وليس علي كذلك، فما المنزلة الثالثة إلا الخلافة، وهذا كما قال المنافقون إنه استخلفه استثقالا له، فأراد أن يطيب نفسه، وهذا كما حكى الله عز وجل عن موسى حيث يقول لهارون:
" أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " ﴿١).
فقلت: إن موسى خلف هارون في قومه وهو حي ثم مضى إلى ميقات ربه عز وجل وإن النبي صلى الله عليه وآله خلف عليا عليه السلام حين خرج إلى غزاته.
فقال: أخبرني عن موسى حين خلف هارون أكان معه حيث مضى إلى ميقات ربه عز وجل أحد من أصحابه؟ فقلت: نعم، قال: أو ليس قد استخلفه على جميعهم؟
قلت: بلى، قال: فكذلك علي عليه السلام خلفه النبي صلى الله عليه وآله حين خرج في غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان إذ كان أكثر قومه معه، وإن كان قد جعله خليفته على جميعهم والدليل على أنه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قوله عليه السلام " علي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
وهو وزير النبي صلى الله عليه وآله أيضا بهذا القول لان موسى عليه السلام قد دعا الله عز وجل فقال فيما دعا: " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري "﴾ (2) وإذا كان علي عليه السلام منه صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى فهو وزيره كما كان هارون وزير موسى عليه السلام، وهو خليفته كما كان هارون خليفة موسى عليه السلام.
ثم أقبل على أصحاب النظر والكلام فقال: أسألكم أو تسألوني؟ قالوا: بل نسألك، فقال: قولوا.
فقال قائل منهم: أليست إمامة علي عليه السلام من قبل الله عز وجل نقل ذلك عن رسول الله من نقل الفرض مثل الظهر أربع ركعات وفي مائتين درهم خمسة دراهم والحج إلى مكة، فقال: بلى قال: فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرض واختلفوا في خلافة علي عليه السلام وحدها؟.