ثم برز إليهم الرضا عليه السلام وحضرت الجماعة الكثيرة منهم، فقال: أيها الناس اتقوا الله في نعم الله عليكم، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته و شكره على نعمه وأياديه، واعلموا أنكم لا تشكرون الله عز وجل بشئ بعد الايمان بالله، وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله أحب إليكم من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبرتهم إلى جنان ربهم، فان من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله تعالى عليه إن تأمله وعمل عليه قيل: يا رسول الله هلك فلان يعمل من الذنوب كيت وكيت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل قد نجا ولا يختم الله تعالى عمله إلا بالحسنى و سيمحو الله عنه السيئات، ويبدلها له حسنات، إنه كان مرة يمر في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته، وهو لا يشعر فسترها عليه ولم يخبره بها مخافة أن يخجل ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواه فقال له: أجزل الله لك الثواب، وأكرم لك المآب ولا ناقشك الحساب، فاستجاب الله له فيه، فهذا العبد لا يختم له إلا بخير بدعاء ذلك المؤمن.
فاتصل قول رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الرجل فتاب وأناب وأقبل على طاعة الله عز وجل فلم يأت عليه سبعة أيام حتى أغير على سرح المدينة، فوجه رسول الله صلى الله عليه وآله في أثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم فاستشهد فيهم.
قال الإمام محمد بن علي بن موسى عليه السلام: وأعظم الله تبارك وتعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا عليه السلام وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا عليه السلام وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا عليه السلام فقال المأمون بعض أولئك: يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تكون تاريخ الخلفاء في اخراجك هذا الشرف العميم، والفخر العظيم، من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي، ولقد أعنت على نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة، وقد كان خاملا فأظهرته، و متضعا فرفعته، ومنسيا فذكرت به، ومستخفا فنوهت به، قد ملا الدنيا مخرقة وتشوقا بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل