قصد الغدير، فوجدت خمسين حياة روافع من عند الغدير.
ثم استمعت فسمعت كلاما ومراجعة فطفقت بنعلي ليسمع وطئي، فسمعت أبا الحسن يتنحنح، فتنحنحت وأجبته، ثم هجمت فإذا حية متعلقة بساق شجرة فقال:
لا تخشي ولا ضائر، فرمت بنفسها، ثم نهضت على منكبه، ثم أدخلت رأسها في اذنه فأكثرت من الصفير، فأجاب: بلى قد فصلت بينكم، ولا يبغي خلاف ما أقول إلا ظالم، ومن ظلم في دنياه فله عذاب النار في آخرته، مع عقاب شديد، أعاقبه إياه وآخذ ماله إن كان له حتى يتوب، فقلت: بأبي أنت وأمي ألكم عليهم طاعة؟ فقال:
نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة، وأعز عليا عليه السلام بالوصية والولاية إنهم لأطوع لنا منكم، يا معشر الانس وقليل ما هم (1).
بيان: روافع بالفاء والعين المهملة أي رافعة رؤوسها أو بالغين المعجمة من الرفغ وهو سعة العيش أي مطمئنة غير خائفة أو بالقاف والمهملة أي ملونة بألوان مختلفة، و كأنه تصحيف رواتع بالتاء والمهملة أي ترتع حول الغدير، فطفقت بنعلي أي شرعت أضرب به، والظاهر بالصاد من الصفق وهو الضرب يسمع له صوت، لا تخشي ولا ضائر أي لا تخافي فان الرجل لا يضرك، وفي بعض النسخ لا عسى وكأنه تصحيف، وقليل ما هم: أي المطيعون من الانس أو من الجن في جنب غيرهم من المخلوقات.
40 - بصائر الدرجات: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن الوشاء، عن محمد بن علي، عن خالد الجوان قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام وهو في عرصة داره، وهو يومئذ بالرميلة (2) فلما نظرت إليه قلت: بأبي أنت وأمي يا سيدي! مظلوم، مغصوب مضطهد - في نفسي - ثم دنوت منه، فقبلت ما بين عينيه، وجلست بين يديه، فالتفت إلي فقال: يا ابن خالد نحن أعلم بهذا الامر، فلا تتصور هذا في نفسك قال: قلت:
جعلت فداك والله ما أردت بهذا شيئا قال: فقال: نحن أعلم بهذا الامر من غيرنا لو أردنا أزف (3) إلينا، وإن لهؤلاء القوم مدة وغاية لا بد من الانتهاء إليها قال: