فسمعنا وجيبا شديدا وإذا السندي بن شاهك يعدو داخلا إلى المسجد معه جماعة فقلنا: كان معنا رجل فدعانا إلى كذا وكذا، ودخل هذا الرجل المصلي وخرج ذاك الرجل ولم نره، فأمر بنا فأمسكنا، ثم تقدم إلى موسى وهو قائم في المحراب فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع فقال: يا ويحك كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك من وراء الأبواب والاغلاق والاقفال وأردك، فلو كنت هربت كان أحب إلي من وقوفك ههنا أتريد يا موسى أن يقتلني الخليفة؟.
قال: فقال موسى ونحن والله نسمع كلامه: كيف أهرب ولله في أيديكم موقت لي يسوق إليها أقداره، وكرامتي على أيديكم - في كلام له - قال: فأخذ السندي بيده ومشى ثم قال للقوم: دعوا هذين واخرجوا إلى الطريق فامنعوا أحدا يمر من الناس حتى أتم أنا وهذا إلى الدار.
وفي كتاب الأنوار قال العامري: إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جارية خصيفة، لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن فقال قل له " بل أنتم بهديتكم تفرحون " (1) لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها، قال: فاستطار هارون غضبا وقال: ارجع إليه وقل له: ليس برضاك حبسناك، ولا برضاك أخذناك، و اترك الجارية عنده وانصرف، قال: فمضى ورجع ثم قام هارون عن مجلسه وأنفذ الخادم إليه ليستفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول: قدوس سبحانك سبحانك.
فقال هارون: سحرها والله موسى بن جعفر بسحره، علي بها، فاتي بها وهي ترعد شاخصة نحو السماء بصرها فقال: ما شأنك؟ قالت: شأني الشأن البديع إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلي ليله ونهاره، فلما انصرف عن صلاته بوجهه وهو يسبح الله ويقدسه قلت: يا سيدي هل لك حاجة أعطيكها؟ قال: وما حاجتي إليك؟
قلت: إني أدخلت عليك لحوائجك قال: فما بال هؤلاء؟ قالت: فالتفت فإذا روضة