فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام ورب الكعبة، فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة لأبي عبد الله عليه السلام فإذا هشام بن الحكم قد ورد وهو أول ما اختطت لحيته، وليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا.
قال: فوسع إليه أبو عبد الله عليه السلام وقال: ناصرنا بقلبه ولسانه ويده، ثم قال لحمران: كلم الرجل - يعني الشامي - فتكلم حمران، فظهر عليه ثم قال:
يا طاقي كلمه فكلمه فظهر عليه محمد بن النعمان، ثم قال: يا هشام بن سالم كلمه فتعارفا ثم قال لقيس الماصر: كلمه فكلمه وأقبل أبو عبد الله عليه السلام فتبسم من كلامهما وقد استخذل الشامي في يده ثم قال للشامي: كلم هذا الغلام يعني هشام بن الحكم فقال: نعم.
ثم قال الشامي لهشام: يا غلام سلني في إمامة هذا يعني أبا عبد الله عليه السلام فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال: أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه؟ أم هم لأنفسهم؟
فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه قال: ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا؟ قال: كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم، وأزاح في ذلك عللهم، فقال له هشام: فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟ قال الشامي: هو رسول الله صلى الله عليه وآله قال هشام: فبعد رسول الله صلى الله عليه وآله من؟ قال: الكتاب والسنة.
قال هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه، حتى رفع عنا الاختلاف، ومكننا من الاتفاق؟ قال الشامي: نعم فقال له هشام: فلم اختلفنا نحن وأنت، وجئت لنا من الشام تخالفنا، وتزعم أن الرأي طريق الدين وأنت مقر بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين؟ فسكت الشامي كالمفكر.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: مالك لا تتكلم؟ قال: إن قلت: إنا ما اختلفنا كابرت، وإن قلت: إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف، أبطلت، لأنهما يحتملان الوجوه، لكن لي عليه مثل ذلك فقال له أبو عبد الله عليه السلام: سله تجده مليا.
فقال الشامي لهشام: من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم؟ فقال هشام: بل ربهم