فصاح الفضل: التراب التراب، فجعل يطرح وهو يهوي، فدعا بأحمال شوك وطرحها فهوت، فأمر حينئذ بالقبر، فسقف بخشب وأصلحه، وانصرف منكسرا.
فكان الرشيد بعد ذلك يقول للفضل: رأيت يا عباسي ما أسرع ما أديل يحيى من ابن مصعب.
ثم جمع له الرشيد الفقهاء وفيهم محمد بن الحسن (1) صاحب أبي يوسف، و الحسن بن زياد اللؤلؤي (2) وأبو البختري (3) فجمعوا في مجلس فخرج إليهم مسرور الكبير بالأمان فبدأ بمحمد بن الحسن فنظر فيه فقال: هذا أمان مؤكد لا حيلة فيه، فصاح عليه مسرور: هاته، فدفعه إلى الحسن بن زياد فقال بصوت ضعيف: هو أمان، فاستلبه أبو البختري وقال: هذا باطل منتقض، قد شق العصا، و سفك الدم، فاقتله ودمه في عنقي.
فدخل مسرور إلى الرشيد وأخبره فقال: اذهب وقل له: خرفه إن كان باطلا بيدك، فجاء مسرور فقال له ذلك فقال: شقه أبا هاشم، قال له مسرور: بل شقه أنت إن كان منتقضا فأخذ سكينا وجعل يشقه ويده ترتعد حتى صيره سيورا فأدخله مسرور على الرشيد فوثب فأخذه من يده وهو فرح، ووهب لأبي البختري ألف ألف وستمائة ألف، وولاه قضاء القضاة، وصرف الآخرين، ومنع محمد بن الحسن