يحيى بن عبد الله بن الحسن إلى موسى بن جعفر عليه السلام أما بعد فاني أوصي نفسي بتقوى الله، وبها أوصيك، فإنها وصية الله في الأولين، ووصيته في الآخرين خبرني من ورد علي من أعوان الله على دينه ونشر طاعته، بما كان من تحننك مع خذلانك وقد شاورت في الدعوة للرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله، وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك، وقديما ادعيتم ما ليس لكم، وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله فاستهويتم وأظللتم، وأنا محذرك ما حذرك الله من نفسه.
فكتب إليه أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام " من موسى بن أبي عبد الله جعفر وعلي مشتركين في التذلل لله وطاعته إلى يحيى بن عبد الله بن الحسن أما بعد فاني أحذرك الله ونفسي، وأعلمك أليم عذابه، وشديد عقابه، وتكامل نقماته، وأوصيك ونفسي بتقوى الله، فإنها زين الكلام، وتثبيت النعم، أتاني كتابك، تذكر فيه أني مدع وأبي من قبل، وما سمعت ذلك مني، وستكتب شهادتهم ويسألون، ولم يدع حرص الدنيا ومطالبها لأهلها مطلبا لآخرتهم، حتى يفسد عليهم مطلب آخرتهم في دنياهم.
وذكرت أني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك، وما منعني من مدخلك الذي أنت فيه لو كنت راغبا ضعف عن سنة، ولا قلة بصيرة بحجة، ولكن الله تبارك وتعالى خلق الناس أمشاجا، وغرائب، وغرائز، فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما ما العترف في بدنك؟ وما الصهلج في الانسان؟ ثم اكتب إلي بخبر ذلك.
وأنا متقدم إليك أحذرك معصية الخليفة، وأحثك على بره وطاعته، وأن تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأطفار، ويلزمك الخناق من كل مكان تتروح إلى النفس من كل مكان ولا تجده، حتى يمن الله عليك بمنه وفضله، ورقة الخليفة أبقاه الله، فيؤمنك ويرحمك، ويحفظ فيك أرحام رسول الله صلى الله عليه وآله والسلام على من اتبع الهدى " إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى " (1)