ثم إن الأمور أطال الله بقاءك كلها بيد الله عز وجل يمضيها، ويقدرها بقدرته فيها، والسلطان عليها توكل بحفظ ماضيها، وتمام باقيها، فلا مقدم لما أخر منها، ولا مؤخر لما قدم، استأثر بالبقاء، وخلق خلقه للفناء، أسكنهم دنيا سريعا زوالها، قليلا بقاؤها، وجعل لهم مرجعا إلى دار لا زوال لها ولا فناء لم يكن أطال الله بقاك أحد من أهلي، وقومك وخاصتك وحرمتك كان أشد لمصيبتك إعظاما، وبها حزنا ولك بالأجر عليها دعاءا وبالنعمة التي أحدث الله لأمير المؤمنين أطال الله بقاه دعاءا بتمامها، ودوامها، وبقائها، ودفع المكروه فيها مني، والحمد لله لما جعلني الله عليه بمعرفتي بفضلك، والنعمة عليك، وبشكري بلاءك، وعظيم رجائي لك أمتع الله بك، وأحسن جزاك، إن رأيت أطال الله بقاك أن تكتبي إلي بخبرك في خاصة نفسك، وحال جزيل هذه المصيبة، وسلوتك عنها فعلت، فإني بذلك مهتم وإلى ما جاءني من خبرك وحالك فيه متطلع، أتم الله لك أفضل ما عودك من نعمته، واصطنع عندك من كرامته، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وكتب يوم الخميس لسبع ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة سبعين ومائة (1).
توضيح: المحيص المهرب، والرزء المصيبة، وقوله ونشوز أنفسا معطوف على بلوغها من حر قلوبنا، يقال: نشزت المرأة نشوزا أي استصعبت على بعلها و أنغصته قوله عليه السلام: أن يسوغكما بأتم النعمة الباء للتعدية، يقال ساغ الشراب يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق وسغته أنا أسوغه وأسيغه يتعدى ولا يتعدى.
أقول: انظر إلى شدة التقية في زمانه عليه السلام حتى أحوجته إلى أن يكتب مثل هذا الكتاب لموت كافر لا يؤمن بيوم الحساب، فهذا يفتح لك من التقية كل باب.
8 - الإحتجاج: قيل: لما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي صلى الله عليه وآله ومعه الناس فتقدم إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال: السلام عليك يا ابن عم، مفتخرا بذلك على غيره فتقدم أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام إلى القبر فقال: السلام عليك