وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا.
فاستشاط الرشيد لذلك، وغضب غضبا، وقال لأكشفن عن هذه الحال فإن كان الامر كما يقول أزهقت نفسه، وأنفذ في الوقت باحضار علي بن يقطين فلما مثل بين يديه، قال له: ما فعلت بالدراعة التي كسوتك بها؟ قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم، فيه طيب، وقد احتفظت بها، وقلما أصبحت إلا وفتحت السفط، فنظرت إليها تبركا بها، وقبلتها، ورددتها إلى موضعها، و كلما أمسيت صنعت مثل ذلك.
فقال: أحضرها الساعة! قال: نعم يا أمير المؤمنين، واستدعى بعض خدمه وقال له: امض إلى البيت الفلاني من الدار، فخذ مفتاحه من خازنتي، فافتحه وافتح الصندوق الفلاني، وجئني بالسفط الذي فيه بختمه، فلم يلبث الغلام أن جاءه بالسفط مختوما فوضع بين يدي الرشيد، فأمر بكسر ختمه وفتحه.
فلما فتح نظر إلى الدراعة فيه بحالها، مطوية مدفونة في الطيب، فسكن الرشيد من غضبه ثم قال لعلي بن يقطين: ارددها إلى مكانها، وانصرف راشدا فلن أصدق عليك بعدها ساعيا، وأمر أن يتبع بجائزة سنية، وتقدم بضرب الساعي ألف سوط، فضرب نحوا من خمسمائة سوط فمات في ذلك (1).
13 - تفسير العياشي: عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن موسى عليه السلام حين ادخل عليه: ما هذه الدار؟ قال: هذه دار الفاسقين قال: وقرأ " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا " (2) فقال له هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة، ولغيرهم فتنة قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: اخذت منه عامرة، ولا يأخذها