قال: فما رأينا باكيا ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم.
35 - التهذيب: محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن عبيس بن هشام، عن سالم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جددت أربعة مساجد بالكوفة فرحا لقتل الحسين عليه السلام: مسجد الأشعث، ومسجد جرير، ومسجد سماك، ومسجد شبث ابن ربعي (1).
36 - أقول: روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا أن نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد لعنه الله تعالى وقد حضر في مجلسه الذي اتي إليه فيه برأس الحسين فلما رأى النصراني رأس الحسين عليه السلام بكى وصاح وناح، حتى ابتلت لحيته بالدموع ثم قال: اعلم يا يزيد: أني دخلت المدينة تاجرا في أيام حياة النبي، وقد أردت أن آتيه بهدية فسألت من أصحابه أي شئ أحب إليه من الهدايا؟ فقالوا:
الطيب أحب إليه من كل شئ، وإن له رغبة فيه.
قال: فحملت من المسك فأرتين، وقدرا من العنبر الأشهب، وجئت بها إليه وهو يومئذ في بيت زوجته أم سلمة رضي الله عنها فلما شاهدت جماله ازداد لعيني من لقائه نورا ساطعا، وزادني منه سرور، وقد تعلق قلبي بمحبته، فسلمت عليه ووضعت العطر بين يديه فقال: ما هذا؟ قلت: هدية محقرة أتيت بها إلى حضرتك فقال لي: ما اسمك؟ فقلت: اسمي عبد الشمس، فقال لي: بدل اسمك فإني أسميك عبد الوهاب إن قبلت مني الاسلام قبلت منك الهدية، قال: فنظرته وتأملته فعلمت أنه نبي وهو النبي الذي أخبرنا عنه عيسى عليه السلام حيث قال: " إني مبشر لكم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " فاعتقدت ذلك وأسلمت على يده في تلك الساعة ورجعت إلى الروم، وأنا أخفي الاسلام، ولي مدة من السنين وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات، وأنا اليوم وزير ملك الروم، وليس لاحد من النصارى اطلاع على حالنا.
واعلم يا يزيد أني يوم كنت في حضرة النبي صلى الله عليه وآله وهو في بيت أم سلمة