محمد أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أسلمت على يديك وأنا مولاك، وقال لهم: إني أحتاج أن أكلم رئيسكم بكلمة وأعطيه الرأس، فدنا عمر بن سعد فقال: سألتك بالله (و) بحق محمد أن لا تعود إلى ما كنت تفعله بهذا الرأس ولا تخرج بهذا الرأس من هذا الصندوق، فقال له: أفعل فأعطاه الرأس ونزل من الدير يلحق ببعض الجبال يعبد الله، ومضى عمر بن سعد ففعل بالرأس مثل ما كان يفعل في الأول.
فلما دنا من دمشق قال لأصحابه: أنزلوا! وطلب من الجارية الجرابين فأحضرت بين يديه، فنظر إلى خاتمه، ثم أمر أن يفتح فإذا الدنانير قد تحولت خزفية فنظروا في سكتها فإذا على جانبها مكتوب " لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون " وعلى الجانب الآخر مكتوب " سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، خسرت الدنيا والآخرة.
ثم قال لغلمانه: اطرحوها في النهر فطرحت ورحل إلى دمشق من الغد وأدخل الرأس إلى يزيد، وابتدر قاتل الحسين إلى يزيد فقال:
املا ركابي فضة أو ذهبا * إني قتلت الملك المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا فأمر يزيد بقتله، وقال: (إن) علمت أن حسينا خير الناس اما وأبا فلم قتلته؟ فجعل الرأس في طست وهو ينظر إلى أسنانه ويقول:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل فأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تشل وجزيناهم ببدر مثلها * وبأحد يوم أحد فاعتدل لست من خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعل فدخل عليه زيد بن أرقم ورأي الرأس في الطست وهو يضرب بالقضيب على أسنانه، فقال: كف عن ثناياه، فطالما رأيت النبي يقبلها فقال يزيد: لولا أنك