الطائي قاضيا.
وكان مروان بن الحكم لما استقامت له الشام بالطاعة، بعث جيشين أحدهما إلى الحجاز (1)، والآخر إلى العراق مع عبيد الله بن زياد لينهب الكوفة إذا ظفر بها ثلاثة أيام، فاجتاز بالجزيرة عرض له أمر منعه من السير وعاملها من قبل ابن الزبير قيس عيلان، فلم يزل عبيد الله مشغولا بذلك عن العراق، ثم قدم الموصل وعامل المختار عليها عبد الرحمان بن سعيد بن قيس، فوجه عبيد الله إليه خيله ورجله فانحاز عبد الرحمان إلى تكريت، وكتب إلى المختار يعرفه ذلك فكتب الجواب يصوب رأيه، ويحمد مشورته وأن لا يفارق مكانه حتى يأتيه أمره إنشاء الله.
ثم دعا المختار يزيد بن أنس وعرفه جلية الحال، ورغبه في النهوض بالخيل والرجال، وحكمه في تخيير من شاء من الابطال، فتخير ثلاثة آلاف فارس، ثم خرج من الكوفة وشيعه المختار إلى دير أبي موسى، وأوصاه بشئ من أدوات الحرب، وإن احتاج إلى مدد عرفه، فقال: أريد لا تمدني إلا بدعائك كفى به مددا ثم كتب المختار إلى عبد الرحمان بن سعيد بن قيس " أما بعد فخل بين يزيد وبين البلاد إن شاء الله والسلام عليك " فسار حتى بلغ أرض الموصل،: فنزل بموضع يقال له: بافكي (2) وبلغ خبره إلى عبيد الله بن زياد وعرف عدتهم، فقال: أرسل إلى كل ألف ألفين وبعث ستة آلاف فارس فجاؤوا ويزيد بن أنس مريض مدنف فأركبوه حمارا مصريا والرجالة يمسكونه يمينا وشمالا فيقف على الأرباع، ويحثهم على القتال، ويرغبهم في حميد المآل، وقال: إن هلكت فأميركم ورقاء بن عازب الأسدي فان هلك فأميركم عبد الله بن ضمرة العذري فان هلك فأميركم سعر بن أبي سعر الحنفي ووقع القتال بينهم في ذي الحجة يوم عرفة، سنة ست وستين، قبل شروق الشمس فلا يرتفع