أبي طالب عليه السلام فلحقه فأخذ (1) منه الصحيفة وقال: ارجع إلى النبي، فقال أبو بكر: هل حدث في شئ؟ فقال: سيخبرك رسول الله، فرجع أبو بكر إلى النبي فقال: يا رسول الله ما كنت ترى أني مؤد عنك هذه الرسالة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أبي الله أن يؤديها إلا علي بن أبي طالب عليه السلام فأكثر أبو بكر عليه من الكلام فقال له النبي صلى الله عليه وآله: كيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار (2)! قال: فانطلق علي عليه السلام حتى قدم مكة، ثم وافى عرفات، ثم رجع إلى جمع، ثم إلى منى، ثم ذبح وحلق، وصعد على الجبل المشرف المعروف بالشعب فأذن ثلاث مرات: ألا تسمعون يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم؟
ثم قال: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله) إلى قوله: (إن الله غفور رحيم) تسع آيات من أولها، ثم لمع بسيفه (3) فأسمع الناس و كررها فقال الناس: من هذا الذي ينادي في الناس؟ فقالوا: علي بن أبي طالب، وقال من عرفه من الناس: هذا ابن عم محمد، وما كان ليجترئ على هذا غير عشيرة محمد، فأقام أيام التشريق ثلاثة ينادي بذلك ويقرأ على الناس غدوة وعشية، فناداه الناس من المشركين:
أبلغ ابن عمك أن ليس له عندنا إلا ضربا بالسيف وطعنا بالرماح.
ثم انصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله يقصد في السير، وابطئ الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله في أمر علي عليه السلام وما كان منه، فاغتم النبي صلى الله عليه وآله لذلك غما شديدا حتى رئي ذلك في وجهه، وكف عن النساء من الهم والغم، فقال بعضهم لبعض: لعله قد نعيت إليه نفسه (4) أو عرض له مرض، فقالوا لأبي ذر: قد نعلم منزلتك من رسول الله، وقد ترى