الملك الطاغي فوضعت (1) به أمه بين أثلال (2) بشاطئ نهر يتدفق يقال له حزران، من غروب الشمس إلى إقبال الليل (3)، فلما وضعته واستقر على وجه الأرض قام من تحتها يمسح وجهه ورأسه ويكثر من شهادة أن لا إله إلا الله، ثم أخذ ثوبا واتشح (4) به وأمه تراه، فذعرت منه ذعرا (5) شديدا، ثم هرول (6) بين يديها مادا عينيه (7) إلى السماء فكان منه ما قال الله عز وجل: (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) إلى قوله: (إني برئ مما تشركون) وعلمتم أن موسى بن عمران كان فرعون في طلبه يبقر بطون النساء الحوامل ويذبح الأطفال ليقتل موسى، فلما ولدته أمه أمرها (8) أن تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت وتلقي التابوت في اليم، فقالت - وهي ذعرة من كلامه -: يا بني إني أخاف عليك الغرق فقال: لا تحزني إن الله يردني إليك، فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى وقال لها: يا أم اقذفيني في التابوت وألقي التابوت في اليم (9)، فقال ففعلت ما أمرت به، فبقي في اليم (10) إلى أن قذفه في الساحل، ورده إلى أمه برمته (11)، لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا، معصوما، و روي أن المدة كانت سبعين يوما، وروي سبعة أشهر، وقال الله عز وجل في حال طفوليته
(٢٠)