الوجه الذي أراده ومعه وهط من قومه (1)، فوجده في أسفل مكة قائما يصلي إلى جانب صخرة (2) فوقع عليه وقبله وأخذ بيده وقال: يا ابن أخ قد كدت أن تأتي على قومك، سر معي.
فأخذ بيده وجاء إلى المسجد وقريش في ناديهم جلوس عند الكعبة، فلما رأوه قد جاء ويده في يد النبي صلى الله عليه وآله قالوا: هذا أبو طالب قد جاءكم بمحمد، إن له لشأنا، فلما وقف عليهم والغضب يعرف وجهه قال لعبيده: أبرزوا ما في أيديكم، فأبرز كل واحد منهم ما في يده، فلما رأوا السكاكين قالوا: ما هذا يا أبا طالب؟ قال: ما ترون إني طلبت محمدا فما أراه (3) منذ يومين، فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم، فأمرت هؤلاء أن يجلسوا إلى حيث ترون، وقلت لهم: إن جئت وما محمد معي (4) فليضرب كل منكم صاحبه الذي إلى جنبه ولا يستأذنني فيه ولو كان هاشميا، فقالوا: وهل كنت فاعلا؟
فقال: إي ورب هذه - وأومأ إلى الكعبة - فقال له مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف - وكان من أحلافه - لقد كدت تأتي على قومك، (5) قال: هو ذاك، ومضى به وهو يرتجز (6):
اذهب بني فما عليك غضاضة * اذهب وقر بذاك منك عيونا والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا ودعوتني وعلمت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا وذكرت دينا لا محالة أنه * من خير أديان البرية دينا قال: فرجعت قريش على أبي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا يحفل بهم ولا يلتفت إليهم (7).