بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٦٩٥
المسلمين فقسمها بين الورثة في الفريضة (1)، والفئ فقسمه على مستحقه (2)، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها، وكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه الله على حاله، ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عليه مكان (3)، فأقره حيث أقره الله ورسوله. فقال (4) عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحلي بحاله.
وروى البخاري (5)، بإسناده عن أبي وائل، قال: جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر، فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته. قلت: إن صاحبيك لم يفعلا. قال: هما المرءان أقتدي بهما.
وروى في جامع الأصول (6)، عن شقيق، قال: إن شيبة بن عثمان قال له:
قعد عمر مقعدك الذي أنت فيه. فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة. قلت:
ما أنت بفاعل. قال: بلى، لأفعلن. قلت: ما أنت بفاعل. قال: لم؟. قلت:
مضى النبي صلى الله عليه [وآله] وأبو بكر (7) وهما أحوج منك إلى المال فلم يخرجاه، فقام وخرج. قال: أخرجه أبو داود (8).

(١) في المصدر: في الفرائض.
(٢) في النهج: مستحقيه.
(٣) في المصدر: مكانا - بالنصب -.
(٤) زيادة: له، جاءت في المصدر.
(٥) صحيح البخاري ٣ / ٨١ [٢ / ١٨٣] كتاب الحج باب كسوة الكعبة، وجاء في كتاب الاعتصام أيضا.
وجاء اجتهاد الخليفة في حلي الكعبة في: سنن أبي داود ١ / ٣١٧، وسنن ابن ماجة ٢ / ٢٦٩، وسنن البيهقي ٥ / ١٥٩، فتوح البلدان للبلاذري: ٥٥، وفتح الباري ٣ / ٣٥٦، وكنز العمال ٧ / ١٤٥ بألفاظ متعددة وأسانيد متنوعة.
(٦) جامع الأصول ٩ / ٢٨٢، حديث ٦٨٩٣.
(٧) في الجامع: قلت: لان رسول الله صلى الله عليه [وآله] قد رأى مكانه وأبو بكر..
(٨) سنن أبي داود ١ / ٣١٧ كتاب المناسك باب في مال الكعبة حديث ٢٠٣١، وقريب منه رواه البخاري في صحيحه ١٣ / ٢١١ و ٢١٢ في الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، وفي الحج، باب كسوة الكعبة.
أقول: ونظير هذا موارد:
منها: ما عن نافع وغيره: كان الناس يأتون الشجرة التي بايع رسول الله (ص) تحتها بيعة الرضوان فيصلون عندها، فبلغ ذلك عمر فأوعهم فيها وأمر بها فقطعت. كما أوردها جمع من أعلامهم كابن الجوزي في سيرة عمر: ١٠٧، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ١٧٨، ٣ / ١٢٣ [١ / ٦٠ أربع مجلدات]، والسيرة الحلبية: ٣ / ٢٩، وابن حجر في فتح الباري ٧ / ٣٦١، وإرشاد الساري ٦ / ٣٣٧، والدر المنثور ٦ / ٧٣، وغيرها.
ومنها: ما أورده ابن الجوزي في سيرة عمر: ١٠٧، وابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ٣ / ١٢٢، والعسقلاني في فتح الباري ١ / 450، وغيرهم في نهيه عن الصلاة في مسجد صلى به رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومنها: تزهده وتظاهره أمام المسلمين بالتقشف والتقوى مع ما له من قصة مفصلة في هدية ملك الروم له التي أوردها في الفتوحات الاسلامية 2 / 413.
(٦٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 690 691 692 693 694 695 696 697 697 703 704 ... » »»
الفهرست